logo

English

أحمد زكي.. محطات رئيسية في حياة النمر الأسود

أحمد زكي.. محطات رئيسية في حياة النمر الأسود

اخبار النجوم Tue, Nov 21, 2023

الفنان أحمد زكي، صاحب الموهبة الاستثنائية الذي تميز بقدرته على تقمص الشخصيات التي يقدمها. ومهما كانت الأدوار صعبة أو معقدة، فإنه كان يجيد انتحال الشخصية بمهارة لا مثيل لها. واستطاع أن ينقل نماذج لمختلف الشخصيات من الواقع إلى الشاشة، بدءًا من البواب والسواق وحتى الوزير ورئيس الجمهورية.

وحرص أحمد زكي في أفلامه على تقديم أفكارًا مهمة وقضايا جريئة، فترك بصمة خالدة في تاريخ السينما، واعتبره النقاد أحد أبرز رواد السينما المصرية. وأطلقوا عليه عدة ألقاب منها “الفتى الأسمر، النمر الأسود، إمبراطور السينما المصرية، صائد الجوائز”. وفي ذكرى ميلاده، دعونا نسلط الضوء على محطات هامة في حياته ومسيرته الفنية المميزة.

ميلاده ونشأته

اسمه بالكامل أحمد زكي متولي عبد الرحمن بدوي. ولد يوم 18 نوفمبر من عام 1949، في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية. عانت أسرته من الفقر وضيق الحال، ورحل والده عن الحياة مبكرًا، وعندما تزوجت أمه برجل آخر، قام جده وأعمامه بتربيته.

درس أحمد زكي في المدرسة الصناعية، حيث أعلن عن موهبته الفنية من خلال الحفلات المدرسية، فنصحه ناظر المدرسة بالالتحاق بمعهد الفنون المسرحية ليُثقل موهبته الكبيرة بدراسة التمثيل، وبالفعل قرر أحمد زكي الانتقال للقاهرة والتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية بقسم التمثيل والإخراج، وتخرج منه عام 1973 بتقدير امتياز، وكان الأول على دفعته.

بدايته الفنية

كان أول ظهور لأحمد زكي على المسرح عام 1967 من خلال مسرحية بعنوان “حمادة ومها”، وبعدها ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ “هاللو شلبي” عام 1969. ثم شارك في الفيلم السينمائي “ولدي” عام 1972 أمام الفنان فريد شوقي. ومسرحية “مدرسة المشاغبين” مع عادل إمام وسعيد صالح عام 1973.

وبدأت رحلة أحمد زكي نحو النجومية بحصوله على دور البطولة في المسرحية الكوميدية “العيال كبرت” عام 1978، بينما جاءت أول بطولة مطلقة له في فيلم “شفيقة ومتولي” أمام سعاد حسني عام 1979. وفي نفس العالم انتقل إلى التمثيل التليفزيوني مؤديًا دور عميد الأدب العربي طه حسين في مسلسل “الأيام”.

مشوار فني حافل

قدم الفتى الأسمر العديد من الأعمال الفنية التي ما زالت خالدة في أذهان المشاهدين، حيث قدم ما يقرب من 80 فيلمًا أهمها “النمر الأسود، البريء، زوجة رجل مهم، البيضة والحجر، ناصر 56، اضحك الصورة تطلع حلوة، أيام السادات، حليم”. وعلى شاشة التلفزيون شارك في 19 مسلسلًا أبرزها “الأيام، هو وهي، طيور بلا أجنحة، بستان الشوك”. وله على خشبة المسرح 6 مسرحيات منها “هاللو شلبي، العيال كبرت”.

أغاني الأفلام

إلى جانب موهبة أحمد زكي الفريدة في التمثيل، كان للغناء دور في مسيرته الفنية. حيث قدم العديد من الأغاني الممتعة في أفلامه، والتى مازال الجمهور يسمعها ويرددها حتى الآن. ورغم صوته الذي لا يشبه أصوات المطربين، نجح أحمد زكي في تأدية الأغاني الكوميدية، التي كان أشهرها ” أنا في اللابوريا ” في فيلم ” كابوريا “، و”استاكوزا” في الفيلم الذي حمل نفس الأسم. وفي فيلم “مستر كاراتيه” غني العديد من الأغنيات منها “أيوة يا دنيا يا بنت الإيه” و”طبل ترقصها” و”آه يا بلد ليه حبيتك؟”.

وخلال أحداث فيلم “البيضة والحجر” قام بأداء أغنيتي “الدربندوخ” و”الهجايص” التي عبرتا بشدة عن تطور شخصيته في الفيلم. ولا يمكن أن ننسى أغنية “أنا بيه” من فيلم “البيه البواب”. كما استطاع أن يجسد ببراعة دور مطرب في فيلم “هيستيريا” من دون أن يستعين بصوت مطرب حقيقي، وقام بنفسه بأداء أغنيتين من أصعب أغاني أم كلثوم وهما “اسأل روحك” و”وصفولي الصبر”، إلى جانب أغنية “مال القمر ماله” لمحمد فوزي. وتظل الأغنية المؤثرة “إن مقدرتش تضحك” التي غناها في نفس الفيلم، عالقة في أذهان الجمهور حتى يومنا هذا.  وبجانب ذلك، شارك أحمد زكي في غناء التتر الخاصة بمسلسل “هو وهي” بجانب السندريلا سعاد حسني، كما غنى في أحد الحلقات أغنية حزينة بعنوان “اثبت”.

خلاف الإمبراطور والزعيم

كان لأحمد زكي وعادل إمام جماهيرية كبيرة، وتمنى محبيهما رؤيتهما في عمل فني واحد بعد “مدرسة المشاغبين”، إلا أن تلك المسرحية هي العمل الأول والأخير الذي جمع بين النجمين. وذلك بسبب الخلافات التي نشبت بينهما وقتها، واستمرت ما يزيد عن 30 عامًا هي المسيرة الفنية للفتى الأسمر، كما امتدت لبعد وفاته. وكانت الخلافات قد بدأت في كواليس المسرحية، حيث اعتاد عادل إمام وباقي الفنانين السخرية من أحمد زكي واستفزازه، خاصة وأنه يتأثر بشدة وسريع الغضب. كما كانت الغيرة الفنية أحد أسباب الخلاف بين النجمين، حيث كان عادل إمام يتمنى أن يكون في نفس موهبة أحمد زكي، بينما تمنى الإمبراطور تحقيق نفس الإيرادات التي يحققها الزعيم بأفلامه.

فضلًا عن ذلك كان أحمد زكي في حواراته الصحفية يهاجم عادل إمام، متهمًا إياه بإفساد الذوق العام للجماهير بسبب نوعية الأفلام التي يقدمها. وفي المقابل يستغل عادل إمام خوف أحمد زكي من المرض والموت، فيظل يتحدث عنهما كلما جمعت الصدفة بينهما، حتى يتسبب في توتره وانزعاجه. وحتى بعد وفاة النمر الأسود، ظل أثر تلك الخلافات ممتدًا، فخلال مشاركة هيثم أحمد زكي مع عادل إمام في مسلسل “أستاذ ورئيس قسم” سخر عادل إمام عدة مرات من الراحل أحمد زكي، وهو ما لم يقبله هيثم فاعتذر له الزعيم وقبل رأسه أمام الجميع.

أدوار متبادلة

لعب القدر صدفة غريبة بين أحمد زكي وعادل إمام، حيث أن العديد من الأدوار التي قام بها عادل إمام كان أحمد زكي قد رُشِّح لها أولًا والعكس صحيح. ومنها فيلم “طيور الظلام” الذي عرضه الكاتب وحيد حامد على أحمد زكي أولًا، فطلب منه تجسيد شخصية “فتحي نوفل” إلا أن وحيد حامد رشح عادل إمام لهذه الشخصية، وأحمد زكي لشخصية “علي الزناتي”، فرفض الإمبراطور استكمال الفيلم. وكذلك فيلم “البيه البواب” الذي صور عادل إمام بعض مشاهده ثم اختلف مع الجهة المنتجة، ليذهب الفيلم إلى أحمد زكي. كما سجل أحمد زكي مقدمة فيلم “الحريف” ولكن بسبب خلافه مع المخرج محمد خان ذهب الدور إلى عادل إمام. أما فيلم “حب في الزنزانة” فقد تعاقد أحمد زكي على بطولته أمام فردوس عبدالحميد، ليفاجأ الاثنان في أحد الأيام بأن الفيلم يتم تصويره بالفنانين عادل إمام و سعاد حسني.

جوائز وتكريمات

حصل أحمد زكي على العديد من الجوائز، كان أبرزها حصوله على جائزة عن فيلم “طائر على الطريق” من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وجائزة عن فيلم “عيون لا تنام” من جمعية الفيلم، وجائزة عن فيلم “امرأة واحدة لا تكفي” من مهرجان الإسكندرية، وجائزة عن فيلم “كابوريا” من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. وله في قائمة أفضل 100 فيلم مصري 6 أفلام، وهي “البريء، زوجة رجل مهم، الحب فوق هضبة الهرم، إسكندرية ليه، أحلام هند وكاميليا وأبناء الصمت”، مما يجعله ثالث أكثر الفنانين الذين لهم أعمال فنية داخل القائمة.

حياته الشخصية

تزوج أحمد زكي من الفنانة هالة فؤاد عام 1983، بعد قصة حب كبيرة، وأنجب منها ابنه الوحيد هيثم. ولكن لم يستمر زواجهما طويلًا بسبب رغبة هالة فؤاد في الاستمرار بالعمل الفني، وهو ما رفضه أحمد زكي الذي أراد من زوجته اعتزال التمثيل والتفرغ لتربية ابنهما، وإقامة أسرة كبيرة مستقرة. حيث عانى أحمد زكي في طفولته من إحساس اليتم والوحدة، والحرمان من دفء المنزل والأسرة، ولم يرغب في أن يعاني ابنه من نفس الشعور.

وقد صرح الماكير محمد عشوب أن أحمد زكي حاول الانتحار عندما تلقى خبر وفاة هالة فؤاد، وأصيب بحالة هستيريا بسبب حزنه على رحيلها، وظل يردد: “أنا اللي موتّها”. وفي أكثر من مناسبة أكد أحمد زكي أن هالة فؤاد كانت حب عمره الذي خسره بسبب العناد. ولذلك لم يتزوج بعد انفصالهما، رغم زواجها من رجل الأعمال عز الدين بركات.

رحلة المرض.. سرطان وفقدان بصر

كان أحمد زكي مدخنًا شرهًا، مما جعله يصاب بسرطان الرئة، وعاش في صراع قاسي مع ‏المرض دام ما يقرب من عام قبل وفاته. وقد كشف الطبيب المعالج له بأنه فقد بصره قبل وفاته، لأن إصابته بالسرطان تسببت في ضغط على عصب البصر وإصابته بالعمى. إلا أن أحمد زكي لجأ إلى حيلة حتى لا يعرف أحد بأمر فقدانه البصر، حيث كان يتعامل بشكل طبيعي وكأنه مبصر، وكان يمسك الصحف ويدّعي القراءة. وقد عرف بعض زملائه الفنانين بهذا الأمر لكنهم لم يخبروه احترامًا لرغبته.

وفاته

رحل العملاق أحمد زكي عن عالمنا يوم 27 مارس من عام 2005 عن عمر ناهز 55 عامًا، بعد صراع طويل مع مرض السرطان الذي أنتشر في الرئة والكبد. وذلك عقب مشوار فني حافل بالأعمال السينمائية القيمة، التي ظلت عالقة في وجدان المصريين.