logo

English

كيف ظهرت شخصية المدرس في السينما المصرية؟

كيف ظهرت شخصية المدرس في السينما المصرية؟

اخبار النجوم Wed, Nov 15, 2023

لا أحد ينكر المكانة الكبيرة التي يتمتع بها المعلم، كونه يساهم في تربية جيل جديد واعٍ ومثقف، ينشأ على القيم والمبادئ الإنسانية الحميدة، ويشب قادرًا على الابتكار وتطوير المجتمع والمساهمة في نهضته.

 

وكان من الطبيعي أن تقدم السينما المصرية شخصية المعلم في أفلامها، ولكن يلاحظ المتابع الجيد للسينما أن معظم تلك الأفلام يغلب عليها الطابع الهزلي، حيث يتم تقديم شخصية المعلم بصورة كوميدية ساخرة ظلت محفورة في عقول المشاهدين لسنوات طويلة.

 

على الرغم من ظهور بعض الأفلام التي حاولت التغلب على تلك الظاهرة ومقاومتها، وأنصفت صورة المدرس، مقدمة صورة استثنائية لمربي الأجيال الفاضل.

 

وقد برع الكثير من الممثلين في تجسيد شخصية المعلم بشخصيات وأنماط متنوعة، تعلق بها الجمهور، وأحبها، وظل يردد أشهر الجمل التي جاءت على لسانهم لسنين طويلة. لذلك نستعرض معكم في هذا المقال أفضل من قدموا شخصية المدرس بنجاح كبير:

 

غزل البنات (1949)

قدم الفنان نجيب الريحاني واحدا من أشهر نماذج المعلم في السينما المصرية، من خلال شخصية الأستاذ "حمام" في فيلم "غزل البنات،" فهو مدرس فقير يقوم بتدريس اللغة العربية لـ "ليلى" ابنة الباشا الثرية المدللة، والتي لعبت دورها الفنانة ليلى مراد.

وخلال أحداث الفيلم استمرت الإساءة لشخصية المدرس بدءًا من اتهامه بسرقة أسورة ذهبية، مرورًا بالمقالب المضحكة التي نفذتها الفتاة وصديقاتها في معلمها للسخرية منه. حتى يقع الأستاذ في حب تلميذته ويقوم بإنقاذها من الوقوع في براثن أحد الشباب المستهترين.

 

علموني الحب (1957)

قدم فيلم "علموني الحب" قصة الأستاذ "سامي" والذي أدى دوره الفنان سعد عبدالوهاب، حيث يلتحق بالعمل في مدرسة للبنات كمدرس للموسيقى، ويقع في غرام تلميذته الرومانسية "نوال" التي لعبت دورها الفنانة "إيمان،" لكنه يخجل من مصارحتها بمشاعره خاصة عندما يكتشف أن صديقه المقرب "ممدوح" قد تقدم لخطبتها.

 

يقرر "سامي" الابتعاد عنها ويكتم حبه في قلبه. تكتشف "نوال" بالصدفة مشاعر أستاذها فتصارحه بأنها لا تحب "ممدوح"، ولكن "سامي" يرفض أن يعترف لها بحبه حتى لا يخسر صديقه. يستمع "ممدوح" لحديثهما بالصدفة ويقرر التضحية بخطيبته من أجل صديقه، عندما يتأكد من حب "نوال" له.

 

شارع الحب (1959)

تتكرر الصورة النمطية لقصة الحب بين الأستاذ الفقير والتلميذة الثرية المدللة في السينما المصرية من خلال شخصية "عبدالمنعم صبري" التي قدمها الفنان عبدالحليم حافظ في فيلم "شارع الحب".

 

حيث نجد مطرب شاب يلتحق للعمل كمدرس موسيقى، ويضطر للتنكر في شخصية رجل عجوز بتركيب شارب ولحية صناعية، فيصبح محط سخرية بين الفتيات. وتتراهن "كريمة" أو الفنانة صباح مع "ميرفت" أو الفنانة منيرة سنبل، على من منهما تستطيع أن تحلق للأستاذ شاربه ولحيته قبل الأخرى.

 

يقع الأستاذ والتلميذة في الحب عندما تكتشف "كريمة" عمره الحقيقي. ولكن "منعم" قطع علاقته بها بعدما اكتشف الرهان بين الفتاتين، إلا أن "كريمة" أصرت على مساعدته بتقديمه في حفل غنائي كبير بالأوبرا.

 

السفيرة عزيزة (1961)

واحدة من الصور الإيجابية التي قدمتها السينما المصرية بشخصية المدرس تضمنها فيلم "السفيرة عزيزة"، حيث تألق الفنان عبدالمنعم إبراهيم في دور الأستاذ "حكم" مدرس اللغة العربية الذي يتقن العربية الفصحى ولا يتحدث إلا بها.

 

وهي الشخصية التي قدمها بأكثر من شكل في أفلام أخرى مثل "غصن الزيتون" و"إسماعيل يس في الأسطول".

 

أما شكري سرحان فقدم في نفس الفيلم دور "أحمد" المدرس الشاب الذي يرفض الظلم ويحارب الشر، ويقف بجوار زوجته "عزيزة" التي استولى شقيقها "عباس" على ميراثها، ويحاول الصلح بينهما، ولكن "عباس" يتشاجر معه وينهال عليه ضربًا، إلا أن "أحمد" يتمكن في النهاية من إعادة الحق لصاحبته.

 

غصن الزيتون (1964)

تضمن فيلم "غصن الزيتون" قصة الحب والغيرة القاتلة التي جمعت بين الأستاذ "عبده" الذي قدمه الفنان أحمد مظهر، والذي يقع فى غرام "عطيات" أجمل فتاة في المدرسة، رغم اعتراضه على تصرفاتها الطائشة والشائعات التي ربطت بينها وبين زميله الأستاذ "جمال".

 

وبعد تردد طويل تقدم "عبده" للزواج من "عطيات". ولكن الماضي ظل يطارده، وبدأ يشك في استمرار علاقة زوجته بالأستاذ "جمال" فأحال حياتها إلى جحيم، حتى تركته وقررت العودة لمنزل أسرتها.

 

قرر"عبده" قتل "جمال" بعدما شعر أنه السبب في تدمير حياته، ليكتشف أن "جمال" لم تجمعه علاقة بـ"عطيات" مطلقًا، وأن إعجابه بها كان مجرد إعجاب بطالبة متفوقة. وصارحه "جمال" بأنه يحب ابنة عمه ولا يستطيع الزواج منها لأنه عاجز جنسيًا نتيجة إصابته في حادث، فاطمئن "عبده" وزال الشك من قلبه وعاد لزوجته معتذرًا.

 

مدرسة المشاغبين (1973)

استغل صناع السينما في مصر النجاح الساحق الذي حققته مسرحية "مدرسة الشاغبين"، وقدموا نفس الفكرة في فيلم سينمائي لعبت فيه الفنانة ميرفت أمين دور الأستاذة الشابة "عفاف سالم" التي تتولى مسؤولية فصل دراسي يضم خمسة طلبة مشاغبين يتسببون في الكثير من المشاكل بسبب استهتارهم وفسادهم الأخلاقي.

 

تبدأ الأستاذة "عفاف" في التعامل مع الطلبة بطريقة مختلفة عن المدرسين السابقين، حتى نجحت في تهذيبهم والسيطرة عليهم، وكسبت ثقتهم بعدما أتاحت لكل منهم فرصته لتنمية موهبته، وتمكنت من جعلهم يذاكرون دروسهم. كما قدم الفنان سمير غانم في الفيلم شخصية الأستاذ "علام الملواني"، وهو مدرس ضعيف الشخصية جعله الطلاب مادة للسخرية بشكل مستمر.

 

آخر الرجال المحترمين (1984)

صورة مثالية جدًا عن المعلمين قدمها الفنان نور الشريف في فيلمه "آخر الرجال المحترمين" حيث ظهر في شخصية "فرجاني" المدرس في إحدى مدارس قرى الصعيد، والذي يُكلف بالإشراف على التلاميذ في رحلة مدرسية لزيارة حديقة الحيوان بالقاهرة. وأثناء الرحلة تختفي الطالبة "نسمة".

 

لا يكتفي "فرجاني" بإبلاغ الشرطة، ويظهر الجانب الإنساني لشخصية المدرس، فيبدأ رحلة البحث عنها بنفسه بسبب شعوره بالمسؤولية تجاهها. يتجدد صراع أسرة الطفلة مع عائلة كبيرة بالصعيد ظنًا منهم أنهم قاموا باختطافها.

 

يتوصل "فرجاني" إلى أن سيدة تدعى "ثريا" والتي لعبت دورها الفنانة بوسي، قد قامت باختطاف "نسمة" من حديقة الحيوان، بسبب إصابتها بعقدة نفسية بعد فقدانها ابنتها. ترصد الشرطة مكان تواجد "ثريا" ويتمكن المربي الفاضل من استعادة الطفلة ويعيدها سالمة إلى أهلها.

 

انتحار مدرس ثانوي (1989)

جسد الفنان حسين فهمي في فيلم "انتحار مدرس ثانوي" صورة مختلفة للمعلم، مستعرضًا الجانب الإنساني من حياته. فنقابل "إبراهيم" المدرس الفقير الذي يعاني وزوجته "تفيده" من غلاء المعيشة ومع ذلك يُقدم على الزواج من زوجة ثانية أملًا في الإنجاب.

 

وبالفعل يتزوج من جارته "حسنية" التي تحمل منه، لكنه يُفاجأ بحمل زوجته الأولى أيضًا، لينقلب الحال ويجد "إبراهيم" نفسه أبًا لخمسة أطفال. تزداد الضغوط على "إبراهيم" ويضيق عليه الحال أكثر بسبب سياسات الانفتاح، وينتهي به الأمر منتحرًا في مياه النيل.

 

البيضة والحجر (1990)

خلال أحداث فيلم "البيضة والحجر" قدم أحمد زكي دور "مستطاع الطعزي" مدرس الفلسفة الذي يتم تحويله للتحقيق بتهمة الشيوعية نتيجة دعوته للطلاب لاتباع سياسة الاستغناء، مما كلفه خسارة وظيفته.

 

يسكن "مستطاع" في شقة على سطح عمارة بميدان التحرير، ليجد نفسه وقد تحول إلى دجال يلجأ له المحتاجين لمساعدتهم، ويجدها فرصة سهلة وسريعة لكسب المال، فاستغل ذكاءه ودراسته للفلسفة لحل مشاكلهم.

 

تقرب "مستطاع" من كبار رجال الدولة وصار من الأثرياء، ونسى تمامًا نظرية الاستغناء، مستغلًا ضعف البشر وخوفهم من المجهول الذي يدفعهم لتقبل الوهم ليتغلبوا على مخاوفهم.

 

الناظر (2000)

تناول فيلم "الناظر" قضية التدريس بشكل ساخر، مستعرضًا نماذج مختلفة من المعلمين، أبرزهم الفنانة حنان الطويل في دور"ميس انشراح" مدرسة اللغة الإنجليزية التي تنطق الكلمات أمام الطلاب بطريقة كوميدية.

 

وكذلك الأستاذ "زكريا الدرديري" الذي لعب دوره الفنان يوسف عيد، وهو مدرس رياضيات استعانت به المدرسة كمدرس مؤقت لمادة اللغة الفرنسية، حتى تأتي بمدرس جديد، فيقضي وقت الحصة خارج الفصل متجنبًا الطلاب.

 

كما نجد الأستاذ "حسين" أو الفنان هشام سليم، مدرس علوم الذي يساعد الناظر "صلاح الدين" في تحسين مستوى التلاميذ والتصدي لسيطرة وكيل المدرسة. ويتم تكليفه بالإشراف على المدرسة حتى يحصل "صلاح" على الثانوية العامة ويصبح مستعدًا لوظيفة الناظر.

 

رمضان مبروك أبوالعلمين حمودة (2008)

قدم الفنان محمد هنيدي شخصية المدرس في فيلم "رمضان مبروك أبوالعلمين حمودة" وناقش مشاكل التعليم في مصر وأهمها مشكلة الدروس الخصوصية. وذلك من خلال الأستاذ "رمضان" مدرس اللغة العربية المتزمت، الذي ينتقل من الريف إلى القاهرة للتدريس في مدرسة فاخرة تجمع أبناء كبار المسؤولين.

 

ويعاني "رمضان" من كونه مادة للسخرية بين التلاميذ، حيث ينفذون فيه مجموعة من المقالب الساخرة والمهينة. يسعى"رمضان" للتقرب من التلاميذ الذين لا يهتمون بمستقبلهم التعليمي، ويكتشف وقوعهم جميعًا في حب مطربة مشهورة، وعندما يحاول إبعادها عن طريقهم يقع في حبها.




عسل أسود (2010)

من جديد تتعمد السينما المصرية تشويه شخصية المدرس وتقديمه بصورة ساخرة، حيث قدمت الفنانة إيمي سمير غانم دور مدرسة اللغة الإنجليزية في فيلم "عسل أسود".

 

وجسدت فيه شخصية "أبلة ميرفت"، التي لا تستطيع نطق الكلمات بشكل سليم، وبالتالي تعلم الأطفال اللغة الإنجليزية بصورة خاطئة، فتتعرض طوال أحداث الفيلم للسخرية من مستواها التعليمي المتدني من قبل الفنان أحمد حلمي الذي لعب دور "مصري العربي"،  الشاب المصري المهاجر لأمريكا والذي يتحدث الإنجليزية بطلاقة.



في نهاية المطاف، كانت السينما المصرية مرآةً تعكس كيف ينظر المجتمع إلى شخصية المدرس، أحيانًا بروح ساخرة وأحيانًا بتقدير واعتزاز. تنوعت الصور بين الكوميديا والتراجيديا، لكنها بقيت محفورة في ذاكرة المشاهدين، بأفراحها وأحزانها. ومع كل تلك الاختلافات، يظل المدرس رمزًا للتربية والتعليم، يرافق الأجيال في رحلتهم نحو المستقبل، سواء داخل السينما أو في الواقع. 

 

 

اقرأ أيضًا: 8 أعمال فنية شارك فيها عمرو دياب