
اخذت السينما المصرية على عاتقها مهمة تسليط الضوء على القضايا الهامة التي تخص المجتمع المصري بكل فئاته وطبقاته. ولا يوجد موضوع يخص الأسرة المصرية إلا وتناولته الأفلام السينمائية من جوانب مختلفة. كما لم تكتفي السينما منذ ظهورها بعرض الواقع الذي نعيشه فحسب، بل ساهمت في بعض الأوقات في إحداث تغييرات مجتمعية أو قانونية، بعدما أثرت بقوة على الرأي العام، وقادت إلى تغيير القوانين، وتعديل سلوكيات وأفكار الأفراد. وفي هذا السياق نقدم لكم مجموعة من الأفلام التي استطاعت أن تساهم بشكل كبير في تغيير القوانين المصرية إلى الأفضل بسبب جرأتها في طرح المشاكل الاجتماعية للمواطنين.
جعلوني مجرما - 1954

الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية، وتدور أحداثه حول الطفل “سلطان” الذي استولى عمه “زهران بيه” على ثروته بعد وفاة والده، ويلقي به في الشارع حيث استدرجته إحدى العصابات إلى طريق السرقة، ويقوم عمه بإبلاغ الشرطة عنه ويتم إيداعه في إصلاحية الأحداث، ويقضي بها سنوات مراهقته وبعد خروجه يحاول “سلطان” إيجاد عمل شريف ولكنه يفشل في ذلك بسبب صحيفته الجنائية، فيلجأ مرة أخرى للسرقة، ويقع في حب “ياسمينا” مطربة الكابريهات، والتي ينافسه عمه على حبها، فيتفق “زهران” مع صاحب الكباريه على التخلص من “سلطان” فيتشاجر معه وتقع جريمة قتل يتهم فيها “سلطان” ظلمًا ويحكم عليه بالسجن المؤبد.
تتمكن “ياسمينا” من إثبات براءة “سلطان” ولكن قبل الحكم ببراءته يتمكن من الهروب من السجن ويذهب إلى منزل عمه ويقتله فيصبح مجرمًا حقيقيًا، ولكنه يقوم بتسليم نفسه بعدما تخبره “ياسمينا” بالبراءة.
الفيلم من بطولة فريد شوقي وهدى سلطان، وبعد عرضه صدور قانون ينص على الإعفاء من السابقة الأولى في صحيفة الحالة الجنائية حتى يتمكن المخطئ من بدء حياته من جديد، بشرط إذا ارتكب الجريمة الثانية، تظهر السابقتين في صحيفته.
كلمة شرف - 1972

للمرة الثانية يساهم فيلم للفنان فريد شوقي في تعديل بعض القوانين، وتدور أحداث الفيلم حول “سالم أبو النجا” المحامي الخلوق الذي يتهم ظلمًا ويسجن في جريمة لم يرتكبها، ويحاول مراراً الهرب للتواصل مع زوجته “ناهد” المريضة العاجزة عن الحركة ليشرح لها الحقيقة ويخبرها ببرائته، ولكن محاولاته للهروب تفشل، وتتضاعف فترة العقوبة التي سيقضيها في السجن حتى تصل إلى 30 عامًا.
يشتد المرض على الزوجة وتتدهور حالتها، حتى تبقت لها ساعات قليلة على وفاتها، ولذلك يتفق العميد “شريف” مأمور السجن مع “سالم” على السماح له بالخروج من السجن لمدة 12 ساعة على مسئوليته الشخصية ليقابل زوجته التي أشرفت على الموت، بعدما أعطاه وعد شرف بالعودة إلى السجن قبل أن يكتشف غيابه أحد. وبالفعل يقابل زوجته ويجدها قد اكتشفت الحقيقة الكاملة وتموت بين يديه، ليعود مسرعًا إلى محبسه منفذًا وعده للمأمور.
الفيلم من بطولة أحمد شوقي وهند رستم وأحمد مظهر، وساعد في تعديل قوانين مصلحة السجون للسماح للمساجين بزيارات استثنائية لأهلهم خارج السجن لمدة قد تصل الى 48 ساعة، وذلك تحت الحراسة وبضوابط محددة.
أريد حلا - 1975

يعتبر أول فيلم مصري يناقش الخلع وحق الزوجة في تطليق نفسها، حيث قدم قصة واقعية موجودة في الكثير من البيوت المصرية، من خلال شخصية “درية” التي تستحيل الحياة الزوجية بينها وبين زوجها الدبلوماسي “مدحت سيف النصر” بسبب معاملته السيئة لها وعلاقاته النسائية المتعددة، فتطلب منه الطلاق ولكنه يرفض، فتلجأ للمحكمة لرفع دعوى طلاق، لتتوه في طريق المحاكم الطويل المليء بالمشاكل والعقبات التي تهدر كرامتها، وتتعقد الأمور أكثر بعد استعانة الزوج بشهود زور، وتفشل الزوجة في الحصول على الطلاق بعد 4 سنوات قضتها بين ردهات المحكمة وتبقى مشكلتها بلا حل.
الفيلم من بطولة فاتن حمامة ورشدي أباظة، وبعد عرضه ساهم في إعادة النظر في قوانين الأحوال الشخصية المتعلقة بالطلاق وبيت الطاعة والسماح للزوجة المصرية بحق الخلع.
آسفة أرفض الطلاق - 1980

تناول الفيلم حق الزوج في تطليق زوجته غيابيًا، وغياب حق الزوجة في رفض أو قبول هذا الطلاق، متسائلًا عن كيفية إنهاء الزوج برغبته المنفردة لعقد الزواج الذي هو مثل كل العقود القانونية يستلزم موافقة الطرفين، فإذا كان الزواج قد تم بموافقة الطرفين فلماذا لا يكون الطلاق بموافقة الطرفين أيضًا. وتطرقت أحداث الفيلم إلى أفكار مختلفة مثل العصمة في يد الزوجة، وحق الزوجة في اشتراط عدم زواج الزوج بأخرى، وأيضًا كيف أن القانون يشترط إثبات الضرر المادي ليتيح للزوجة طلب الطلاق، ولا يحتسب الضرر المعنوي الذي يصعب عليها إثباته.
وقدم الفيلم قصة “منى” الزوجة المتفانية التي وهبت كل حياتها لزوجها وابنتها ولكنها تتفاجأ في عيد زواجها العاشر بزوجها “عصام” الذي أخبرها برغبته في الانفصال عنها، ويترك المنزل ويرسل لها ورقة طلاقها غيابيًا. تلجأ الزوجة لصديقتها أستاذة القانون “هناء” التي تساعدها في رفع دعوى قضائية ترفض من خلالها طلاق زوجها لها.
الفيلم من بطولة ميرڤت أمين ونادية رشاد وحسين فهمي، وبعد عرضه ساهم بمساعدة بعض الجمعيات النسائية في إلغاء حق الطاعة، وجعله بأمر القاضي وليس الزوج.
عفوًا أيها القانون - 1985

سلط الفيلم الضوء على التفرقة بين الرجل والمرأة في قضايا الشرف، فهو يحكي قصة الاستاذة الجامعية “هدى” المتزوجة من “علي” الدكتور العاجز جنسيًا بسبب عقدة نفسية أصابته في صغره، حيث شاهد والده يقتل زوجته الثانية الخائنة بعدما رآها في أحضان عشيقها، وحكم عليه بشهر حبس مع إيقاف التنفيذ. تمكنت “هدى” من علاج زوجها، لكنها تفاجئت في أحد الأيام أثناء عودتها من العمل مبكرًا بصوت قادم من غرفة النوم، فظنت أنه لص وحملت مسدس زوجها ودخلت لتتفاجأ بخيانة زوجها لها مع زوجة صديقه، فشعرت “هدى” بالغيرة وأطلقت عليهما النيران وفرت هاربة. وعند القبض عليها يتم الحكم عليها بالسجن لمدة 15 عامًا.
الفيلم بطولة نجلاء فتحي ومحمود عبد العزيز وهياتم، وهو مأخوذ عن قصة حقيقة، وقد أثار الكثير من الجدل حول القانون الذي يفرق في الحكم بين الرجل والمرأة في قضية مثل الزنا، حيث يصدر الحكم على المرأة بالسجن 15 عامًا مع الشغل والنفاذ، بينما يحكم على الرجل بالسجن شهرًا واحدًا مع إيقاف التنفيذ. ورغم أن أصداء الفيلم لم تتمكن من تغير القوانين السارية بعد عرضه، إلا أن المطالبات ما زالت مستمرة بحثًا عن قانون يحقق العدل والمساواة وتطبيق الشريعة الإسلامية، التي لم تفرق بين الزاني والزانية في العقوبة.
الشقة من حق الزوجة - 1985

قدم الفيلم قصة “سمير” الموظف في إحدى المصالح الحكومية الذي تزوج من “كريمة” ابنة رئيسه في العمل بعد قصة حب قوية. وبعد إنجاب طفلتهما الأولى وبسبب المشاكل المادية تتفاقم الخلافات بينهما حتى تصل بهما الأمور للطلاق، ويبدأ النزاع على مسكن الزوجية الذي هو من حق الزوجة بصفتها الحاضنة طبقًا للقانون. وبسبب عدم قدرة الزوج على الحصول على مسكن آخر، يحكم القضاء بمشاركتهما الشقة حتى انتهاء شهور العدة.
الفيلم من بطولة معالي زايد ومحمود عبد العزيز، وقد نجح في جعل أحد أهم البنود التي يمكن إضافتها لعقد الزواج، تحديد من سيكون له حق الاحتفاظ بمنزل الزوجية في حالة الطلاق.
678 - 2010

استعرض الفيلم قصة 3 سيدات من بيئات مختلفة يتعرضن للتحرش الجنسي. الأولى تدعى “صبا” وهي سيدة ثرية تتعرض للتحرش الجماعي بإستاد القاهرة، وسط عجز زوجها عن الدفاع عنها، مما جعله يصاب بأزمة نفسية ويفضل الابتعاد عنها في وقت كانت هي في أمس الحاجة لوجوده بجوارها، مما جعلها تطلب الطلاق، وقامت بتكوين جمعية لتعليم النساء الدفاع عن أنفسهن ضد التحرش. أما الثانية فهي “نيللي” وهي فتاة من طبقة متوسطة تتعرض للتحرش أثناء سيرها في الشارع، وتتمكن من الإمساك بالمتحرش وتصر على عمل محضر رغم رفض أسرتها وأسرة خطيبها خوفًا من نظرة المجتمع لها. أما الثالثة “فايزة” وهي سيدة من طبقة فقيرة تتعرض للتحرش في الأوتوبيس بشكل يومي، مما يصيبها بحالة نفسية سيئة تجعلها ترفض اقتراب زوجها منها.
الفيلم من بطولة نيللي كريم وبشرى وناهد السباعي وماجد الكدواني وباسم سمرة، وكان السبب في تفعيل قانون التحرش، وجعل العقوبة على المتحرش تصل إلى 3 سنوات سجن.