يحتفل الوسط الفني يوم 7 ديسمبر، بعيد ميلاد الفنان محمود حميدة الذي يعد من أهم وأبرز الفنانين في تاريخ السينما المصرية. اشتهر بثقافته وحبه للقراءة وتذوق الآدب والشعر. وعرف بأدواره المتنوعة وشخصيته المميزة ورؤيته المختلف للفن. يختار أدواره بعناية، ويحرص على تقديم شخصيات متنوعة، فأصبح لديه رصيد كبير من الأعمال الخالدة. وصنع اسمًا لامعًا في الفن وصناعة السينما بإنجازاته التي تخطت مجال التمثيل، ووصلت للتأليف والإنتاج. وحرص على تبني المواهب الشابة وصقلها بالدراسة والتعليم، فقام بتأسيس استوديو الممثل، للنهوض بصناعة السينما في مصر. واحتفالًا بيوم ميلاده دعونا نستعرض معكم في المقال التالي، أهم المحطات في حياة محمود حميدة الفنية والشخصية.

ميلاده ونشأته

ولد محمود حميدة حسن محمود حميدة يوم 7 ديسمبر من عام 1953، في منطقة منيل السلطان، بمركز أطفيح بمحافظة الجيزة. التحق عام 1970 بكلية الهندسة، ولكن لمدة 7 سنوات لم ينجح في التخرج منها، فقام بالتحويل إلى كلية التجارة، وتخرج منها عام 1981. حيث بدأ حياته العملية بوظيفة في قسم إدارة المبيعات لدى إحدى الشركات العالمية.

بدايته الفنية

أحب محمود حميدة التمثيل منذ كان في الرابعة من عمره. وعندما كان طالبًا في المدرسة التحق بالمسرح المدرسي. كما أنه كان عضوًا في فريق التمثيل بالجامعة. وعمل راقصًا محترفًا في المسارح، وفرقة يسري حمدي للفنون الشعبية.

وبعد التخرج ظل حريصًا على الاستمرار في مجال التمثيل من خلال الانضمام إلى فرق الهواة. حتى اكتشفه المخرج التلفزيوني أحمد خضر، وأسند له أول أدواره في مسلسل “الأزهر الشريف منارة الإسلام” والذي تم عرضه عام 1982، ثم شارك بعد ذلك في مسلسل “حارة الشرفاء” وذلك في عام 1986. أما أول أعماله في السينما فكان فيلم “الأوباش” مع ميرفت أمين ويحيى الفخراني، والذي تم عرضه في عام 1986.

أهم أعماله

توالت بعد ذلك الأعمال الفنية للنجم محمود حميدة، وقدم العديد من الأعمال الفنية الناجحة. وتميز بأدائه الرائع الذي أشاد به الجمهور والنقاد، وأسند إليه صناع السينما العديد من الأدوار الصعبة، فقدم مع الفنان الراحل أحمد زكي فيلم “الإمبراطور” عام 1990 و”الباشا” عام 1993 و”الرجل الثالث” عام 1995، كما اشترك في فيلم “عصر القوة” عام 1991 مع الفنانة نادية الجندي، التي شاركها أيضًا بطولة أفلام “رغبة متوحشة” و”اغتيال” و”أمن دولة” و”امرأة هزت عرش مصر”. كما تألق مع الفنانة ليلى علوي في فيلمي “إنذار بالطاعة” عام 1993، و”بحب السيما” عام 2004. وقدم مع يسرا “امرأة آيلة للسقوط” عام 1992 و شاركها كذلك في أفلام “دانتيلا” و”حرب الفراولة” و”الشرس” و”سيدة القاهرة”. ولا يمكن أن ننسى إبداعه في أفلام المخرج يوسف شاهين “المهاجر” و”المصير” و “الآخر” و”إسكندرية نيويورك”. كما قدم مجموعة كبيرة من المسلسلات التليفزيونية الناجحة أبرزها: “الوسية” و”حارة الشرفاء” و”ميراث الريح” و”الأب الروحي” ولما كنا صغيرين”. كذلك كان للفنان محمود حميدة تجربة في مجال التأليف، من خلال مسلسل “ميراث الريح” الذي عرض عام 2013.

شركة البطريق للإنتاج الفني

لم تقتصر إسهامات محمود حميدة الفنية على التمثيل فقط، فقام عام 1996 بتأسيس «شركة البطريق للإنتاج الفني» بغرض المساهمة في تطوير ودعم صناعة السينما في مصر. وقدم خلالها مجموعة أفلام سينمائية وتسجيلية، منها فيلم “جمال عبد الناصر” عام 1998، من إخراج أنور القوادري. وفيلم “جنة الشياطين” عام 1999 من إخراج أسامة فوزي. وفيلم تسجيلي عن الشاعرة العراقية الكبيرة “نازك الملائكة” عام 2000 من إخراج خيرية المنصور. فضلًا عن الفيلم الوثائقي “جلد حي” عام 2010 من إخراج فوزى صالح وفيلم “ورد مسموم” عام 2018 لنفس المخرج. واللذان فازا بعدة جوائز وتم عرضهما في أكثر من مهرجان دولي. كما قامت الشركة بأعمال المنتج المنفذ لجهات فنية أخرى، منها فيم “ملك وكتابة” للمخرجة كاملة أبو ذكرى عام 2005، بالتعاون مع مدينة الإنتاج الإعلامي وجهاز السينما.

مجلة الفن السابع

تقديرًا لمدى أهمية الفن السينمائي وتأثيره في المجتمع، أصدر الفنان محمود حميدة في عام 1997 مجلة فنية برئاسة تحرير الكاتب الصحفي “محمود الكردوسي” بعنوان “الفن السابع”. وتعد أول مطبوعة عربية سينمائية متخصصة في صناعة السينما في الشرق الأوسط. وكانت تسلط الضوء على قضايا وأفلام وشخصيات سينمائية عربية وأجنبية مختلفة. ونظرًا لكونها مجلة للمعرفة، رفض محمود حميدة نشر إعلانات عن الخمور والسجائر بالمجلة، وهو ما كان سيدر عليه ربحًا شهريًا يصل إلى 40 ألف دولار. لكنة فضل عدم الاستهانة بالقيمة الكبيرة للمجلة، وقرر تمويلها على نفقته الشخصية. وصدر من المجلة 45 عددًا، حتى توقف إصدارها عام 2001 لأسباب مالية. إلا أن أعدادها ظلت محتفظة بقيمتها، حيث اعتبرها الدارسين مرجعًا تاريخيًا لمختلف الأعمال المحلية  والعالمية.

إنجازات أخرى

الفنان محمود حميدة متذوق للفن بجميع أنواعه، وإلى جانب التمثيل وإنتاج الأفلام، قام بإنتاج حفلات موسيقية لعازف الكمان العالمي “عبده داغر” بدار الأوبرا ومعهد الموسيقى العربية والجامعات المصرية. كما قام بإنتاج عدد كبير من الأمسيات الشعرية للشاعر الكبير “فؤاد حداد”، وذلك بتكوين فرقة عمل كاملة لتقديم تلك الأمسيات بدار الأوبرا ومعرض الكتاب الدولي ومكتبة الإسكندرية.

ونظرًا لحبه الشديد للفن، وإيمانه بضرورة مساعدة الأجيال الجديدة في تذوق الفن وتقديمه بشكل راقي، ساهم محمود حميدة في مشروع الشباب مع الوكالة الألمانية للتعاون الفني ووزارة التخطيط لدعم المواهب الفنية، وقام بإنتاج مسرحية “ألوان رقع بقع” عام 2002. وقام في عام 1996 بتأسيس استوديو الممثل، واستعان بمجموعة من أهم المختصين لجعل هذا الاستوديو كمركز لتدريب وصقل المواهب الشابة، إيمانًا منه بضرورة دعم الموهبة ومزجها بالمنهج العلمي. بهدف تمويل صناعة الفن بكوادر فنية ومؤهلة. وذلك لمسايرة التطور السريع والهائل لهذه الصناعة في أوروبا وأمريكا وبلدان العالم المختلفة.

صداقات الوسط الفني

رغم صعوبة تكوين صداقات حقيقية داخل الوسط الفني بسبب المنافسة والغيرة، إلا أن علاقة صداقة قوية جمعت بين محمود حميدة ومجموعة من زملاءه الفنانين، أبرزها علاقته بالفنان محمود عبد العزيز، الذي شعر بحزن كبير بعد وفاته. وكذلك جمعته علاقة طيبة مع الفنان فاروق الفيشاوي استمرت مع أسرته بعد وفاته، وكثيرًا ما صرح أحمد الفيشاوي أن حميدة من أقرب أصدقائه رغم فارق السن بينهما، مؤكدًا أنه يعتبره أبضًا شقيقه وأستاذه. أما الفنان أحمد زكي فيصفه محمود حميدة بالصديق الحقيقي والسند الأول.

ويحرص محمود حميدة على أن يستعيد ذكرياته مع أصدقاءه عن طريق إحياء ذكرى ميلادهم ووفاتهم عبر حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر الصور التي جمعتهم في مواقف مختلفة.

خلع أسنانه بسبب فيلم

محمود حميدة فنان يعرف قيمة الفن جيدًا، ويعي ضرورة ظهور جميع عناصر العمل الفني بصورة طبيعية وعلى أكمل وجه. كما يدرك أهمية التضحيات التي يبذلها الفنان في سبيل إنجاح العمل الفني. لذلك لم يتردد في القيام بخلع سنتين من أسنانه الأمامية لتجسيد شخصية “منير رسمي” ضمن أحداث فيلم “جنة الشياطين” الذي قام ببطولته وإنتاجه عام 1999. وذلك لأن إمكانيات المكياج والخدع السينمائية في هذا الوقت لم تكن تسمح بتغيير شكله بالطريقة التي ترضيه. والملفت للنظر أن محمود حميدة كان يقدم شخصية إنسان ميت، ولم ينطق كلمة واحدة خلال الفيلم.

كما تعرض حميدة للإصابة في ثلاث فقرات من ظهره، بعد تصوير فيلم “إسكندرية نيويورك” حيث كان يقدم دور رجل في سن السادسة والثمانين، مما استدعى قيامه بتقويس وإنحناء الظهر وبتغيير تجويف الصدر خلال فترة التصوير، حرصًا على إظهار سمات العجز على جسد الشخصية، مما تسبب في إصابته في الفقرات.

حياته الشخصية

تزوج الفنان محمود حميدة في عام 1982 من السيدة “سهير” وأنجب منها بناته الأربعة “أسماء” و”إيمان” و”أمنية” و”آية”. وبعد زواجه منها بعشر سنوات، وتحديدًا في عام 1992 تزوج للمرة الثانية من السيدة “مها”. وتحدث محمود حميدة في لقاء تلفزيوني مع الإعلامية وفاء الكيلاني، عن زواجه الثاني مؤكدًا أنه لم يكن بسبب شعوره بالملل أو بسبب قلة حبه لزوجته الأولى، وأوضح أنه أحب زوجته الثانية ولم يكن هناك وسيلة للتعبير عن حبه لها سوى الزواج، لأنه يرفض العلاقات الغير شرعية. ووصف زوجته الأولى بأنها”شريكة حياته كلها”، بينما وصف زوجته الثانية بأنها “شريكة نصف حياته”.

حادث تسبب في إعلان زواجه

صرح محمود حميدة أن زواجه الثاني ظل سريًا لعدة أشهر مراعاةً لشعور زوجته الأولى وبناته. لكنه قرر الإعلان عنه بسبب خبر كان منشورًا بجريدة “الأهرام” عن شخص أصيب في حادث سير، وبعد وفاته اكتشفت زوجته أنه كان متزوجًا من سيدة أخرى في السر ولديه منها طفل. وقد حكم القاضي ألا ترث الزوجة الثانية وابنها أي شيء من ميراث الزوج. فاعلن زواجه على الفور، خوفًا من تكرار نفس الأمر مع زوجته الثانية بعد وفاته. خاصة وأنه قام بتربية أبناءها لسنوات طويلة ويعتبرهم أبناءه. مؤكدًا على أن بناته أصبحن أصدقاء لأبناء زوجته الثانية مؤخرًا.

جوائز وتكريمات

ساهمت اختيارات محمود حميدة المميزة لأعماله السينمائية في جعله قناصًا للجوائز، حيث نال العديد من الجوائز خلال مسيرته الفنية، كما تم اختياره ليكون رئيسًأ شرفيًا لمهرجان الأقصر السينمائي لعدة سنوات متتاليه. ومن أهم الجوائز التي حصل عليها:

  • جائزة مهرجان الفيلم السنوي عن فيلم “الباشا” وذلك في عام 1995.
  • جائزة أفضل ممثل من الجمعية المصرية لفن السينما عام 1995 عن فيلم “الرجل الثالث”.
  • جائزة أفضل إنتاج من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وذلك عن فيلم “جنة الشياطين” في عام 1999.
  • جائزة أفضل ممثل في المهرجان القومي الحادي عشر للسينما المصرية عن فيلم “بحب السيما” عام 2005.
  • جائزة أفضل ممثل من جمعية فن السينما عن فيلم “إسكندرية نيويورك” وذلك في عام 2005.
  • جائزة أفضل ممثل في مهرجان تطوان الدولي عن فيلم “جنة الشياطين” في عام 2006.
  • جائزة أفضل ممثل في مهرجان مسقط الدولي عن فيلم “ملك وكتابة” وذلك في عام 2006.
  • جائزة أفضل ممثل في مهرجان المركز الكاثوليكي بالقاهرة عن فيلم “ملك وكتابة” وذلك في عام 2007.

انتعاشة فنية

يعيش الفنان محمود حميدة فترة انتعاشة فنية في الأونة الأخيرة. واحتفل مؤخرًا بالنجاح الكبير الذي حققة فيلمه الأخير “العارف” الذي شارك البطولة فيه مع أحمد عز و أحمد فهمي، وكارمن بصيبص. والذي حقق إيرادات كبيرة وصلت إلى 63 مليون جنيه خلال عرضه في دور السينما. كما عرض له مؤخرًا فيلم “الغسالة” مع أحمد حاتم وهنا الزاهد وبيومي فؤاد.

وعلى جانب آخر، انتهى حميدة من تصوير أربعة أفلام تنتظر عرضها في دور السينما قريبًا، وهي: “أهل الكهف” مع خالد النبوي وخالد الصاوي وغادة عادل. و”ريتسا” مع أحمد الفيشاوي وعائشة بن أحمد. و«الكاهن» مع جمال سليمان وفتحي عبدالوهاب وإياد نصار ودرة. و”سري للغاية” مع أحمد السقا وخالد الصاوي ومحمد رمضان. كما يقوم حاليًا بتصوير ثلاثة أفلام جديدة وهي: “الملحد” مع حسين فهمي وشيرين رضا وأحمد حاتم. و”عمهم” مع أحمد الفيشاوي ومحمد إمام. و”مطرح مطروح” مع كريم عفيفي وشيماء سيف وليلى أحمد زاهر. فضلًا عن تصويره مسلسل تليفزيوني بعنوان “نقل عام” مع سوسن بدر وسميحة أيوب ودينا.

حوادث التصوير

تعرض النجم محمود حميدة للعديد من الحوادث خلال مسيرته. وكاد أن يفقد حياته أكثر من مرة بسبب تصوير أعماله الفنية. وأبرزها الإصابة التي تعرض لها أثناء تصوير فيلم “شمس الزناتي”. حيث هاجت الخيول في أحد المشاهد بسبب النيران وسقط من على ظهر حصانه وتطايرت النيران في وجهه. كما كاد أن يفقد حياته في فيلم “رغبة متوحشة” عندما طلب منه المخرج في أحد المشاهد أن يقفز في بئر، لكنه تفاجأ عندما قفز بوجود مرتبة وليس قش كما توقع. وسقط على رأسه مما تسبب في إصابته بالتواء في فقرات الرقبة.

شائعات الوفاة

الفنان محمود حميدة من الفنانين الذين تنتشر عنهم شائعات الوفاة من حين لآخر، وكان أخرها شائعة روجت لها إحدى صفحات على موقع “فيسبوك” في شهر أكتوبر الماضي، حيث نشرت صورته مصحوبة بتعليق “عاجل.. الموت يفجع الفنان محمود حميدة، وحسابه الرسمي أصبح دفتر عزاء”. وقد حرص الفنان على تكذيب الإشاعة بنفسه بالتعليق على المنشور باستخدام تعبير ضاحك إلى جواره إبهام إلى الأسفل في إشارة إلى سخريته من الشائعة.