تحل يوم 13 ديسمبر ذكرى ميلاد الفنانة كاميليا، الملقبة بـ القطة الشقراء. والتي سطعت بسرعة كنجم لامع، وحققت شهرة كبيرة في وقت قياسي. أحبها الجميع بدءًا من أفراد الشعب مرورًا بزملائها في الوسط الفني، وانتهاءً بالملك فاروق، ملك مصر والسودان. وكما كان صعودها الفني سريعًا، جاءت نهايتها أيضًا سريعة ومأساوية، لتتوفى في حادث غامض أثير حوله الكثير من الشائعات. وذلك بعد حياة حافلة بأحداث فنية وسياسية ساخنة، تصلح لتكون قصة فيلم سينمائي ناجح. وفي ذكرى ميلادها نستعرض معكم في السطور التالية قصة حياتها وأبرز الأحداث في مشوارها الفني.

ميلادها ونشأتها

ولدت ليليان فيكتور ليفي كوهين، وهو الاسم الحقيقي للفنانة كاميليا، في 13 ديسمبر من عام 1919، في حي الأزريطة بمدينة الإسكندرية. لأبوين مسيحيين من أصول إيطالية. إلا أن والدها قرر الانفصال عن والدتها والعودة إلى بلاده بعد ولادتها، بسبب رغبته في إنجاب ولد. وعندما جاء المولود بنت زادت الخلافات بين الزوجين فطلبت والدتها الطلاق، ثم تزوجت من الصائغ اليوناني الجنسية اليهودي الديانة فيكتور كوهين، الذي قام بتبني الطفلة وأعطاها اسمه.

بدايتها الفنية

عندما كانت كاميليا في الـ 17 من عمرها، وتحديدًا عام 1946، رأها المخرج أحمد سالم في مناسبة عامة بفندق “وندسور”، وأعجب جدًا بها، وصمم على جعلها نجمة سينمائية مشهورة. وتعاقد معها وأحضر لها أساتذة في فن الإتيكيت، ومدربين لتدريبها على التمثيل والرقص. وقام بتعليمها أصول اللغة العربية، كما اختار لها بنفسه اسمها الفني. ولكن مضت فترة ولم يقم أحمد سالم بتنفيذ وعده لها بجعلها ممثلة مشهورة. فاستغلت ذكائها الاجتماعي وتمكنت من الوصول إلى الفنان يوسف وهبي، الذي وافق على اشراكها في فيلم “القناع الأحمر” لتبدأ حياتها الفنية.

مشوارها الفني

بدأت شهرة كاميليا تتصاعد مع الوقت بسبب جمالها وجاذبيتها. ورغم عمرها الفني القصير، إلا أن نجمها سطع عاليًا في سماء الفن، حتى أصبحت واحدة من أشهر نجمات السينما المصرية و أعلاهن أجرًا. وأصبحت بطلة لعدد من الأفلام السينمائية الشهيرة. وخلال مسيرتها الفنية التي استمرت لمدة 4 سنوات فقط قدمت 21 فيلمًا منها: “فتنة، ولدي، صاحبة الملاليم، منديل الحلو، العقل زينة، المليونير، بابا عريس، قمر 14، امرأة من نار”. وكان أخر الأعمال التي شاركت فيها هو فيلم “أخر كدبة”. وقبل وفاتها كانت كاميليا تتخذ خطواتها للعالمية حيث شاركت في الفيلم الأمريكي “الطريق إلى القاهرة”.

مجنون كاميليا

في عام 1949 تعرفت كاميليا على شاب يدعى صلاح الدين، والذي أكد لها أنه ثري جدًا، ويريد دخول مجال الإنتاج السينمائي. وعرض عليها بطولة فيلم سينمائي بعنوان “ولدي”  وذلك بأجر كبير جدًا وصل إلى 20 ألف جنيه. بشرط أن يقوم بدور البطولة أمامها. وافقت كاميليا على القيام ببطولة الفيلم الذي جمع عددًا كبيرًا من الفنانين الكبار ومنهم محمود المليجي وإسماعيل يس ونجمة إبراهيم.  وفي ليلة الافتتاح، وبينما كان صلاح الدين يجلس بجوار كاميليا في دار العرض، دخلت الشرطة لتُلقي القبض على بطل الفيلم ومنتجه، وسط دهشة الجميع. ليتضح فيما بعد أن صلاح الدين ليس ثريًا، بل موظف بسيط يعمل في إحدى الشركات، واختلس مبلغًا كبيرًا من المال من أجل تحقيق حلمه بالوقوف أمام كاميليا التي يحبها بجنون، وتم إيداع مجنون كاميليا في السجن، مما تسبب في تحقيق الفيلم أرباحًا هائلة وبشكل غير متوقع.

اتهامها بالجاسوسية

كان الوضع الديني لكاميليا معقدًا، فقد كانت تحمل اسمًا يهوديًا رغم ديانتها المسيحية، مما جعلها ضحية لشائعات عملها مع المخابرات الإسرائيلية. وقيل أن تقربها من الملك فاروق وكبار رجال السياسة في مصر، كان بهدف نقل أخبارهم إلى إسرائيل. بينما حاول البوليس السياسي المصري أن يُلصق بها تهمة التورط في صفقة الأسلحة الفاسدة باتفاقها مع الوكالة اليهودية والمخابرات البريطانية. ومع ذلك لم يوجه لها الملك اتهام مباشر خوفًا من أن توجه له المعارضة اتهامات بالفساد باعتبار أنه قام بإطلاع عشيقته على معلومات سياسية هامة لا يجب الإطلاع عليها.

ومن جانب أخر اتهمتها إسرائيل بأنها جاسوسة تعمل لحساب مصر، بعدما رفضت استخدام علاقاتها المتعددة لتقديم معلومات لجهاز الموساد. ويقال أن الوكالة اليهودية دبرت خطة بالاشتراك مع المخابرات الإنجليزية للتخلص من كاميليا، خاصةً عندما اكتشفت أن زميلتها الممثلة راقية إبراهيم تعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية. وذلك خوفًا من قيامها باطلاع السلطات المصرية على الأمر، مما قد يتسبب في إفشال مخطط التخلص من عالمة الذرة المصرية، سميرة موسى.

علاقتها بالملك فاروق

لعبت الصدفة دور هام في لقاء كاميليا بالملك فاروق، حيث جاء اللقاء الأول في حفل ببرج الأهرام عام 1946، حيث أصرت كاميليا على أن تغني وترقص عندما علمت بوجوده. فأثارت إعجاب الملك وتعرف عليها وتعددت  لقاءاتهم بعد ذلك اليوم. وبدأت علاقتهما العاطفية، التي كانت السبب في شهرة كاميليا وانتقالها من الأدوار الثانوية لأدوار البطولة. كذلك عرض عليها الملك السفر إلى فرنسا أو سويسرا ليتزوجا، وقيل أنه اشترى لها قصرًا في أحد الجزر اليونانية. وقد أكد رشدي أباظة أن كاميليا قد حملت من الملك فاروق، وهو السبب الذي جعله مستعدًا للزواج منها، خاصة وأنه كان يرغب في أن تنجب له ولدًا ليكون ولي العهد. ولكنها فقدت حملها في الشهر السادس، بعد أن تعرضت لحادث بسيط تسبب في إجهاضها، حيث سقطت على الأرض من فوق ظهر الحصان.

علاقتها برشدي أباظة

جمعت علاقة حب بين كاميليا والدنجوان رشدي أباظة في بداية مشواره الفني، وتحديدًا أثناء تصوير فيلمها “امرأة على نار”. وفي نفس الوقت الذي كان الملك فاروق يحبها أيضًا. وهو ما تسبب في حالة من الصراع بين رشدي أباظة والملك الذي هدده بالقضاء على مستقبله الفني، وهدده بالقتل عدة مرات، مثلما كان يهدد كل من يقترب منها. حتى أن الملك فاروق قام بتهديد رشدي أباظة علنًا في فندق “مينا هاوس” حيث كانت كاميليا تتناول العشاء مع رشدي، وعندما علما بحضور الملك إلى الفندق قررا إنهاء السهرة وسارعا بالمغادرة. وقبل الخروج من المطعم فوجئ رشدي بوجود مسدس في ظهره وعندما استدار وجد نفسه أمام الملك الذي طالبه بالابتعاد عن كاميليا، ثم انزل المسدس وغادر. وزاد هذا الموقف من إصرار رشدي أباظة على التمسك بكاميليا، واتفق الاثنان على الزواج في شهر أكتوبر من عام 1950، بعد انتهاء رحلة كاميليا العلاجية، وقبل عودتها إلى مصر. حيث يسافر لها رشدي إلى روما ويتزوجا هناك هربًا من بطش الملك فاروق. إلا أنها توفيت قبل الزواج بشهرين، فأصيب رشدي أباظة بإنهيار عصبي وظل يمكث في المستشفى لمدة أسبوعين.

وفاتها

أُصيبت كاميليا بمرض السل بسبب الإسراف في التدخين وشرب الخمور، ونصحها الأطباء بالسفر لإيطاليا للعلاج. وبالفعل كانت كاميليا متجهه إلى روما لإجراء بعض الفحوصات الطبية حين سقطت بها الطائرة بعد احتراق محركها بالقرب من مدينة الدلنجات بمحافظة البحيرة. وقد عثر على جثتها نصف متفحمة في الحطام وسط الرمال. ليتم إعلان خبر رحيلها عن عالمنا يوم 31 أغسطس من عام 1950 عن عمر جاوز الـ 31 عامًا. وقد أثارت وفاتها المفاجئة وبتلك الطريقة البشعة، العديد من الشكوك والشائعات حول سبب وفاتها. حيث توقع البعض قيام جهاز الموساد الإسرائيلي بتدبير الحادث بعد انتشار أخبار حول كونها جاسوسة. كما قيل أن الملك فاروق قد ضاق ذرعًا بمنافسة رشدي أباظة على حبها، فقرر الانتقام منها. وحتى يومنا هذا تظل تفسيرات حادث وفاتها متضاربة، ليظل لغز من أكبر الألغاز التي شغلت الناس رغم مرور ما يزيد عن 70 عامًا على رحيها.