
سيدة الفن الجميلة أو “البسكوتة” التي جمعت بين التمثيل والغناء والفنون الاستعراضية فأسرت قلوب جمهورها، وساعدتها موهبتها الشاملة في تقديم أدوار مختلفة ومتنوعة، تميزت جميعها بخفة الظل والكوميديا، حتى أصبح مجرد ظهورها على شاشة السينما أو التليفزيون إيذانًا بقدوم البهجة والسعادة، ورسم الابتسامة على وجوه المشاهدين. وفي ذكرى ميلادها التي تحل يوم 4 نوفمبر، دعونا نتعرف على أبرز المحطات في حياة شويكار.
مولدها ونشأتها

اسمها بالكامل شويكار إبراهيم طوب ثقال، ولدت يوم 4 نوفمبر من عام 1938، في مدينة الإسكندرية لأب مصري من أصول تركية وأم شركسية. نشأت في منطقة مصر الجديدة بالقاهرة، وتعلمت في مدارس فرنسية، وتخرجت من كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية، والتحقت بالعمل في فرقة “أنصار التمثيل” بناء على نصيحة المخرج حسن رضا، الذي كان صديق والدها.
بدايتها الفنية
ظهرت الميول الفنية لشويكار في عمر الرابعة، وبعد التحاقها بفرقة “أنصار التمثيل” تلقت دروسًا في التمثيل على يد عبد الوارث عسر ومحمد توفيق. وفي عام 1960 تم ترشيحها للمشاركة في فيلم “حبي الوحيد” أمام عمر الشريف ونادية لطفي. وبعده فيلم “غرام الأسياد” في 1961 أمام أحمد مظهر وعمر الشريف ولبنى عبدالعزيز. ثم جاءت بدايتها الحقيقة عام 1963 بعدما شاركت في مسرحية “السكرتير الفني” مع فؤاد المهندس.
مشوار فني حافل
اشتهرت شويكار في بدايتها بتقديم أدوار الكوميديا، إلا أنها انتقلت بعد ذلك إلى مرحلة جديدة أثرت مسيرتها الفنية، وظهرت فيها بأدوار مختلفة ومركبة تتطلب موهبة فنية كبيرة، حيث قدمت في فترة السبعينات والثمانينات أفلام هامة وجادة مثل “الكرنك، طائر الليل الحزين، دائرة الأنتقام، الأخوة الأعداء، السقا مات”. كما اتجهت في فترة التسعينيات إلى تقديم أعمال درامية تلفزيونية قيمة من بينها “ترويض الشرسة، هوانم جاردن سيتي، امرأة من زمن الحب، سر علني”.
فنانة شاملة
امتلكت شويكار العديد من المقومات الفنية بجانب التمثيل، حيث تميزت في نوع فني آخر هو الغناء والاستعراض، حيث شاركت بالغناء في 7 أفلام سينمائية على مدار 12 عامًا منذ 1956 وحتى 1977. وكانت تلك الأفلام هي “اقتلني من فضلك، المليونير المزيف، أنا ومراتي والجو، العتبة جزاز، ربع دستة أشرار، فيفا زلاطا، دعاء المظلومين”.
ثنائية فنية لن تتكرر

شكلت شويكار مع فؤاد المهندس واحد من أشهر ثنائيات الكوميديا في السينما والمسرح وحتى الإذاعة، وقدمًا معًا سلسلة طويلة من الأعمال المميزة التى لا يستطيع الزمن أن يمحوها من ذاكرة عشاق الفن. والتقى الثنائي لأول مرة في مسرحية “السكرتير الفني” لتجمعهم بعد ذلك أعمال كثيرة ناجحة كان أبرزها في السينما “اعترافات زوج، شنبو في المصيدة، أخطر رجل فى العالم، أرض النفاق، العتبة جزاز، سفاح النساء، الرجل ده هيجنني، عالم مضحك جدًا، مطاردة غرامية، أنت اللى قتلت بابايا، مدرسة المراهقين”. ومن أبرز الأعمال التي قدمها الثنائي على خشبة المسرح “سيدتى الجميلة، أنا وهو وهي، حواء الساعة 12، إنها حقا عائلة محترمة، أنا فين وأنت فين”. وكانت مسرحية “روحية اتخطفت” هي آخر الأعمال التي جمعت بينهما.
أخر أعمالها الفنية

ظلت شويكار بعيدة عن الأضواء لسنوات طويلة، إلا أنها لم تعلن اعتزال الفن، مما شجع المخرج خالد يوسف لإقنعها بالعودة إلى السينما في 2009، من خلال فيلم “كلمني شكرًا” مع غادة عبدالرازق وعمرو عبد الجليل. وصرحت شويكار في أحد اللقاءت التلفزيونية بعدها قائلة إن خالد يوسف لم يعاملها بالشكل الذي يليق بتاريخها الفني. ليكون هذا العمل هو أخر أفلامها السينمائية. أما أخر أعمالها على الإطلاق فكان مسلسل “سر علني” مع غادة عادل وإياد نصار في 2012. وبعده قررت شويكار عدم المشاركة في أي عمل فني، واكتفت بالمداخلات التليفونية مع برامج التوك شو من حين لآخر.
معجب مجنون
تعرضت شويكار للتهديد من قبل معجب مجنون، والذي كان يرسل لها العديد من الخطابات الرومانسية التي يُعبر فيها عن حبه لها، وعادة كانت شويكار تتجاهل تلك الرسال، إلا أنها أصيبت بالرعب في أحد الأيام عندما أرسل لها رسالة تهديد قال فيها: ” أمامك أسبوع فقط ، فإن لم ترحميني لن أرحمك، سأشوه هذا الجمال الذى يباعد بيني وبينك، سأطفئ فتنتك بماء النار وسأجعلك تندمين، وسأعيش بحسرة مثلك على جمالك بقية العمر، لقد ضننت علي بالحب، وسأحرمك من جمالك وأجردك من سلاحك”. وبسبب تلك الرسالة قررت شويكار الاستعانة بوالدها والبواب لتدبير مكيدة للإيقاع بهذا المعجب المجنون. حيث تمكنوا من الإمساك به واقتياده إلى قسم الشرطة. وهناك بكى المعجب، وأقسم أنه لم يكن يقصد تهديدها وأنها كانت مجرد محاولة لجذب انتباهها، وأكد أنه مستعد للزواج منها. ورغم رفض والدها، قررت شويكار التنازل عن المحضر حرصًا على مستقبله، خاصة عندما عرفت أنه جارها وأنه طالب في كلية التجارة، فأقنعت والدها بالتنازل عن المحضر على أن تأخذ عليه تعهدًا بعدم التعرض.
٣ أزواج وابنة وحيدة

عندما أتمت شويكار عامها السادس عشر قرر والدها تزويجها من المحاسب حسن نافع الجواهرجي، وأنجبت منه ابنتها الوحيدة “منة الله”، وبعد عامين من الزواج أصيب زوجها بمرض خطير فارق على إثره الحياة، لتجد شويكار نفسها أرملة وأم في الثامنة عشر من عمرها. وأثناء عملها في المسرح مع الفنان الكبير فؤاد المهندس نشأت بينهما علاقة حب قوية، نتج عنها زواج استمر لأكثر من عشرين عامًا، كانت خلالها أمًا لأولاده من زوجته الأولى، ورغم طلاقهما استمرت روابط الود والصداقة تجمع بينهما. وبسبب شعور شويكار بالألم بعد انفصالها عن فؤاد المهندس ورغبتها في التخلص من ذلك الشعور خاضت تجربة الزواج للمرة الثالثة من السيناريست مدحت يوسف.
الصديقة الخائنة
مرت شويكار بالعديد من المواقف الصعبة طوال حياتها كان أولها خيانة صديقتها المقربة لها، حيث حكت شويكار في أحد الحوارات التليفزيونية عن صديقة الطفولة التي تربت معها وكانت بمثابة أختًا لها، وكانا لا يفترقان أبدًا. وهو ما استمر حتى بعد زواج شويكار من زوجها الأول المحاسب حسن نافع، حيث ظلت الصديقة تلازم شويكار كظلها، وكانت تتواجد في منزلها بصفة شبه دائمة، وتمتعت معها بكل النعيم الذي وفره لها زوجها. وفي أحد الأيام أخبر الزوج زوجته أنه متضايق من وجود صديقتها ويرغب في الأنفراد بزوجته في منزل الزوجية، ولكن شويكار رفضت بشدة إبعاد صديقتها. وبعد عام طلب الزوج من شويكار أن تذهب لمنزل أسرتها وعندما عادت في المساء وجدت صديقتها تحاول إغراء الزوج، وعندها اعترف لزوجته أن صديقتها كانت تتقرب منه منذ الشهر الأول لزواجهما، وأنه يئس من محاولة إبعادها عن البيت فقرر أن يجعل شويكار ترى ما يحدث بنفسها لأنه أراد أن يعطيها درسًا عمليًا لتتوخى الحذر حتى مع أقرب الناس لها.
مرض بلا علاج ووفاة مفاجئة

تعرضت شويكار لوعكة صحية كبيرة عام 2016 نُقلت على إثرها إلى المستشفى، وصرحت بعدها أن مرضها لا علاج له، وذلك دون الخوض في تفاصيل المرض. وفي 14 أغسطس 2021، نُقلت مرة أخرى للمستشفى بعدما أصيبت بقىء وآلام بالمعدة شخصها الطبيب بأنه انفجار في المرارة، لترحل “البسكوتة” عن عالمنا عن عمر ناهز 82 عامًا. وتركت ورائها تاريخ فني طويل على مدار 60 عامًا قدمت خلالها أعمال فنية مميزة شكلت جزء كبير من تاريخ السينما والمسرح في مصر، ولازالت مصدرًا لإمتاع الجمهور حتى يومنا هذا.