مثلما اهتمت السينما المصرية بقضايا المواطن المصري، اهتمت أيضًا بقضايا الوطن العربي، وعلى رأسها الصراع العربي الإسرائيلي، وخاصة  القضية الفلسطينية، حيث كانت فلسطين دائمًا محل طمع للجيوش الاستعمارية، بدءًا بالحملة الصلبية وانتهاءًا بالاحتلال الإسرائيلي.

ولذلك حرص صناع السينما المصرية على تقديم الدعم لأخواتنا الفلسطينين، عن طريق طرح قضيتهم ومناقشة بعض الشخصيات الهامة في تاريخ النضال الفلسطيني. بالإضافة لتجسيد معاناة أفراد الشعب من خلال تسليط الضوء على المظاهرات والعمليات الاستشهادية التي يشاركون فيها. فضلًا عن التعبير عن شعور المواطن المصري تجاه القضية الفلسطينية، بحرق العلم الإسرائيلي.

وجاء ذلك من خلال عدد من الأفلام السينمائية التي ستظل راسخة في وجدان كل مواطن مصري وعربي تضامن مع القضية الفلسطينية ضد جيش الاحتلال الصهيوني، وإليكم بعض هذه الأفلام.

فتاة من فلسطين 1948

يعد هذا الفيلم أول فيلم مصري وعربي يتناول القضية الفلسطينية بالتزامن مع حرب فلسطين، أنتجته رائدة السينما المصرية “عزيزة أمير”، التي حرصت على تقديم الدعم المصري لفلسطين ونقل الجرائم الوحشية للعدو الصهيوني، من خلال قصة “محمود ذو الفقار” وهو ضابط طيار يدافع عن الأراضي الفلسطينية وقت الحرب، ولكن طائرته تسقط في إحدى القرى الفلسطينية بسبب غارة، وتعثر عليه سلمى “سعاد محمد” وتقوم بتطييب جراحه، لنكتشف أن منزلها هو مخزن لأسلحة المقاومة.

نادية 1949

مرة أخرى تقدم أميرة عزيز فيلم عن القضية الفلسطين، من بطولتها هذه المرة، ويحكي الفيلم قصة نادية التي يستشهد شقيقها منير “شكرى سرحان” في حرب فلسطين، فتقرر أن تستكمل النضال وتطوعت في الهلال الأحمر، لتقابل مدحت “محمود ذو الفقار” صديق شقيقها، والذي يقوم بإنقاذها من أحد المستعمرات عندما تقع أسيرة في يد العدو.

الله معنا 1955

يحكي الفيلم قصة الضابط أحمد جمال “عماد حمدي” الذي ذهب للمشاركة في حرب فلسطين بتشجيع من أبنة عمه نادية “فاتن حمامة”، يصاب أحمد بسبب الاسلحة الفاسدة ويبتر ذراعه، ويعود مع عدد من الجرحى، ويجتمع بزملاءه الضباط  لكشف المسؤولين الحقيقيين عن توريد الأسلحة الفاسدة، ويحاول الاعتماد على نفوذ عمه الثري عبد العزيز باشا “محمود المليجي”، ليكتشف أن عمه هو نفسه تاجر الأسلحة الرئيسي.

أرض السلام 1957

هو أول فيلم يصور داخل الأراضي الفلسطينة المحتلة، وقدم حياة المناضلين الذين يحاولون تحرير قريتهم من سيطرة الإسرائيليين، من خلال قصة المناضل المصري أحمد “عمر الشريف” الذي يشارك في عملية نسف خزانات الوقود الإسرائيلية التى تمد الطائرات المهاجمة بالبنزين، وبعد إصابته برصاصة في كتفه، يلتقي بسلمى “فاتن حمامة”، الفتاة الفلسطينية التي تعتني به حتى يسترد قوته، وتقوم بمساعدة والدها الشيخ مازن “عبد الوارث عسر” بالتستر على أحمد عندما يأتي العدو للبحث عنه.

الناصر صلاح الدين 1963

يعد واحد من أقوى الأفلام التاريخية، ويدور حول فترة الحروب الصليبية، ويستعرض المعارك التي خاضها القائد صلاح الدين الأيوبي، الذي قام بدوره الفنان”أحمد مظهر”،  لتحرير القدس. وحاول المخرج يوسف شاهين استخدام أحداث الفيلم  كنوع من الإسقاط على التاريخ الحديث، وأظهر المطامع الأوروبية في أرض فلسطين التي هي في ظاهرها الدفاع عن الدين إلا أنها في الأساس من أجل تحقيق المصالح الشخصية وجمع الثروات.

الظلال في الجانب الآخر 1974

تناول الفيلم قضية النضال الفلسطيني من خلال قصة الطالب الذي يدرس في في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، ويسكن مع أربعة من الشباب المصريين في عوامة على النيل، ليختلف معهم بينما يروي كل منهم الأحداث من وجهة نظره. وفي النهاية يتخلى عن أحلامه وينضم للمقاومة الفلسطينية.

ناجي العلي 1987

أبدع الفنان “نور الشريف” في تقديم شخصية الفنان الفلسطيني ناجي العلي، وقصة إغتياله في لندن، حيث يوثق الفيلم المحطات التي مر بها ناجي العلي في حياته بدءًا من نزوحه مع أسرته إلى لبنان، ثم عمله في الكويت، ثم عودته إلى لبنان مجددًا خلال فترة الحرب الأهلية اللبنانية. واستعرض الفيلم أبرز مواقفه السياسية تجاه القضية الفلسطينية، والتي سجلها في رسومه الكاريكاتورية الخالدة حتى يومنا هذا.

صعيدى فى الجامعة الأمريكية 1998

لم يصنف هذا الفيلم ضمن الأفلام السياسية، بل كان فيلمًا كوميديًا في الأساس، إلا أنه قدم الدعم للقضية الفلسطينية في أحد مشاهده، عندما أقدم خلف الدهشوري “محمد هنيدي” الطالب في الجامعة الأمريكية، بمشاركة زملائه، على حرق علم إسرائيل داخل الجامعة احتجاجًا على الاحتلال الصهيوني وممارساته ضد الفلسطينيين. وكانت المرة الأولى التي تتضمن حرق علم إسرائيل في عمل سينمائي، حيث أن حرق أعلام الدول في السينما ممنوع بنص القانون، لأنه يهدد مصالح الدولة العليا.

همام في أمستردام 1999

مرة أخرى قدم محمد هنيدي مشهد مؤثر لدعم فلسطين خلال أحداث الفيلم الكوميدي، حيث تضمنت أحد مشاهده شجارًا بين مجموعة من الشباب العربي المغترب في هولندا، ليسارع شاب فلسطيني لإسماعهم أغنية “الحلم العربي” في محاولة منه لإنهاء الشجار القائم بين الأصدقاء، حيث تضمن المشهد رسالة بضرورة إنهاء أي خلاف بين الأشقاء العرب، والتضامن معًا لنصرة القضية الفلسطينية.

أصحاب ولا بيزنس 2001

ألقى الفيلم الضوء على العمليات الاستشهادية التي يقوم بها شباب فلسطين ضد الاحتلال الاسرائيلي، حيث يسافر كريم نور “مصطفى قمر”، لتسجيل برنامج عن الانتفاضة الفلسطينية، ويتعرف على الشاب الفلسطيني جهاد “عمرو واكد”، الذي يصطحبه في جولة داخل الأراضي الفلسطينية، وبعدها يقوم بعلمية استشهادية حيث يفجر نفسه بجوار مجموعة من الجنود الإسرائيلين، بينما يقوم كريم بتصويره.

بركان الغضب 2002

تدور أحداث الفيلم بين في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، حيث يقوم الشاب الفلسطيني خالد شبيب “تامر هجرس” باغتيال مسئول إسرائيلي، وتطارده المخابرات الإسرائيلية، فيسافر إلى مصر محاولًا عقد صفقة سلاح، فيتعرض لصعوبات عديدة، ويوجه الفيلم رسالة لتوحيد صفوف العرب، وضرورة دعم الفلسطينيين بالسلاح الذي يحتاجونه لتحقيق النصر.

السفارة في العمارة 2005

فيلم آخر يقدم الدعم للقضية الفلسطينية بشكل كوميدي، حيث يعود المهندس شريف خيري “عادل إمام” ليجد السفارة الإسرائيلية قد اتخذت موقعها في الشقة المجاورة له، فيعاني بسبب الإجراءات الأمنية المشددة التي تفرض عليه، ويقوم برفع قضية لإخراج السفارة من العمارة، ويتحول إلى رمز شعبي للنضال، ولكن سرعان ما يتنازل عن القضية بسبب بعض الضغوطات. إلا أنه يستأنف نضاله مرة أخرى بعد استشهاد الطفل إياد ابن صديقه الفلسطيني، على يد الجنود الإسرائيلين اثناء مشاركته في إحدى المظاهرات.

وعلى الرغم من الأفلام المصرية العظيم التي جسدت الواقع الفلسطيني الأليم على مر التاريخ، ورغم استمرار اشتعال القضية الفلسطينية، إلا أننا نلاحظ أنها بدأت تختفي عن شاشة السينما المصرية شيئًا فشيئًا، فمنذ ما يزيد عن خمسة عشر عامًا لم يناقش أي فيلم النضال الفلسطيني ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، ليصبح الأمر مثارًا للتساؤل!!. فلماذا اختفت فلسطين من السينما المصرية بينما يجب علينا مناصرتها اليوم أكثر من ذي قبل؟.