
كانت السينما المصرية وما زالت تتواصل مع أفراد المجتمع بتقديم القضايا الشائكة التي تهم كل الفئات، وحرص صناع السينما في مصر على معالجة قضايا الإرهاب والتطرف في العديد من الأفلام التي تضمنت الهجمات الإرهابية والتفجيرات وعمليات الاغتيال ومحاولات استقطاب الشباب بشتى الطرق. وقد انتبهت السينما المصرية مبكرًا لمحاولات الجماعات المتطرفة للوصول إلى الحكم، فكان أول تجسيد لهذ الفكر في عام 1979، من خلال مشهد وحيد في فيلم “إسكندرية ليه” ظهر فيه شخصية حسن البنا في لقاء مع مجموعة من الضباط الذين يخططون للانقلاب على الحكم، حيث تطرق لمسألة الدولة الدينية والدعاة الذين يحلمون بدولة الخلافة.
ومع ذلك، فضلت السينما لسنوات عديدة عدم الاقتراب من هذه القضية الشائكة خوفًا من تضخيمها، باعتبار الإرهاب مجرد ظاهرة فردية، وبمرور الوقت تم تصوير تلك الظاهرة بشكل سطحي دون التطرق لتفاصيل الجماعات الإرهابية أو الأفكار التي يعتنقونها. إلى أن بدأ الاٍرهاب يتزايد في مصر بشكل واضح، ودخلت السينما في مرحلة التعمق في عرض الفكر المتطرف وأسبابه، ومن وقتها وحتى يومنا هذا ظهرت أفلام عديدة تناولت الاٍرهاب بشكل أو بآخر، وانتقدت تلك الظاهرة ودعت لمحاربتها والتصدي لها. وفي هذا المقال نستعرض معًا مجموعة من الأعمال السينمائية التي قدمت ظاهرة الإرهاب والفكر المتطرف من زوايا مختلفة.
الإرهاب 1989

تدور أحداث الفيلم حول عصمت (نادية الجندي) رئيس قسم الحوادث بجريدة أخبار اليوم، والتي تقوم بتغطية صحفية لعملية إرهابية استهدفت أحد الوزراء. ويتم اتهام عمر الصناديلي (فاروق الفيشاوي) الذي استطاع خداع عصمت وإقناعها ببراءته، فتتعاطف معه وتتعلق به، وتحدت الجميع بنشر تحقيق صحفي دافعت فيه عن عمر.
تستعد عصمت للسفر إلى أبو ظبي لحضور مؤتمر دولي عن الجريمة، ويطلب منها عمر أن يرسل معها هدية لقريب له هناك، ولكنها تكتشف أن الصندوق به ديناميت لتفجير الطائرة التي يسافر عليها وفد من الوزراء لحضور المؤتمر، تسارع عصمت بإبلاغ رجال الشرطة وتتعاون معهم للإيقاع بعمر والقضاء عليه.
الإرهاب والكباب 1992
كان ظهور الإرهابي في هذا الفيلم بمحض الصدفة، فهو ضحية للظلم والظروف القهرية التي أوقعته في موقف احتجاز الرهائن تحت تهديد السلاح في مقابل تنفيذ الحكومة لطلباته. ودارت أحداث الفيلم داخل مجمع التحرير، حيث يتوجه أحمد (عادل إمام) لنقل طفليه من مدرسة إلى أخرى، وبسبب العقبات الإدارية يشتبك مع الأمن ويستولى على سلاح أحد العساكر، ويطلق النار دون قصد، فيظن الموظفين أن الإرهابين سيطروا على المجمع. ويجد أحمد نفسه متورطًا في احتجاز بعض الرهائن، وينضم لمساعدته مجموعة من المواطنين، وسرعان ما تحاصر الشرطة المكان، وتبدأ المفاوضات مع وزير الداخلية، الذي يصمم على اقتحام المبنى إذا لم يستسلم الإرهابين ويطلقون سراح الرهائن.
يقرر أحمد ترك الرهائن، لكنهم يتعاطفون معه خاصة بعد أن أدركوا أن مطالبه بمعاملة إنسانية عادلة تمثل نفس مطالبهم، ويرفضون الخروج بدونه حتى لا يتم القبض عليه، وصمموا على خروجه وسطهم وكأنه أحد الرهائن، لتقتحم قوات الشرطة المجمع فلا تجد أي إرهابيين.
الإرهابي 1994

ناقش الفيلم قصة شاب فقير يدعى علي عبد الظاهر (عادل إمام) دفعته ظروفه الاجتماعية إلى الانضمام لإحدى الجماعات الإرهابية. يقوم علي بالمشاركة في عملية اغتيال، وأثناء هروبه تصدمه سيارة تقودها سوسن عبدالمنعم (شيرين)، التي تأخذه لمنزلها حتى يعالجه والدها الدكتور عبدالمنعم حسنين (صلاح ذوالفقار)، وخوفًا من تدخل الشرطة فضلت الأسرة علاجه بالمنزل، ووافق علي حتى لا ينكشف أمره. تنمو مشاعر الحب بين سوسن وعلي، خاصة بعدما أحسنت أسرتها معاملته، وأثناء ذلك يكتشف تعرضه للخداع من قبل الجماعة الإرهابية، التي تقوم بقتله جزاءًا لانشقاقه عنها، خاصة بعدما حاول تنبيه إحدى الشخصيات التي تنوي الجماعة اغتيالها.
طيور الظلام 1995
يحكي الفيلم قصة ثلاثة محامين أصدقاء، الأول فتحي نوفل (عادل إمام) الشخص الملتزم الذي يتحول لانتهازي يريد الوصول لأعلى المناصب، ويستغل إمكانياته ليصبح مدير مكتب أحد الوزراء. والثاني علي الزناتي (رياض الخولي) الذي يرغب في تحقق مكاسب مادية فينضم إلي جماعة إرهابية متطرفة، ويصبح موكلًا بالدفاع عن أفراد الجماعة، وإثارة الرأى العام برفع قضايا ضد الدولة، في محاولة للسيطرة على مقاليد الحكم، كما يحاول تجنيد فتحي للانضمام للجماعة. أما الثالث محسن (أحمد راتب) فهو موظف مطحون يقرر البقاء بعيداً عن الصراع الدائر بين الحكومة والجماعات المتطرفة.
يقوم فتحي بتوظيف سميرة فتاة الليل (يسرا) لتساعده في أعماله التجارية التي اتخذها ستارًا لأعماله المشبوهة، ولكن يتم القبض عليها فتعترف على فتحي، الذي يسجن رهن التحقيق، بينما يشترك علي الزناتي في التخطيط لعمليات إرهابية، فيقبض عليه ويوضع في السجن، وهناك يلتقي الصديقان وتستمر المواجهة والصراع بينهما.
المصير 1997

عرض الفيلم ظاهرة التطرف والإرهاب في إطار تاريخي، حيث يعود بالزمن إلى القرن الثاني عشر الميلادي في الأندلس، وتحديدًا خلال فترة حكم الخليفة أبو جعفر المنصور (محمود حميدة)، ويحكي صراع الفيلسوف ابن رشد (نور الشريف) مع السلطة السياسية للخليفة الذي كان صديقًا له ثم أصبح يكن له مشاعر العداء، والجماعات الدينية المتطرفة التي تنجح في تجنيد ابن الخليفة الأصغر (هاني سلامة) بين صفوفها. وهو الصراع الذي انتهى بتكفير ابن رشد وحرق كتبه مرتين، الأولى على يد الجماعة الإرهابية، والثانية عندما يغضب عليه الخليفة ويأمر بنفيه خارج البلاد.
الآخر 1999

سلط الفيلم الضوء على التحالف بين الجماعات المتطرفة والكيانات الرأسمالية لخدمة مصالحهم المشتركة، وذلك من خلال قصة الحب التي جمعت بين الصحفية حنان (حنان ترك) وآدم (هاني سلامة) الشاب المصري الذي يحمل الجنسية الأمريكية، ويجري دراسة عن ظاهرة الارهاب الديني. يصر الحبيبان على الزواج رغم رفض والد آدم رجل الأعمال المصري خليل عماره (محمود حميده) ووالدته الأمريكية المتغطرسة مارجريت (نبيلة عبيد)، فتحاول الأم أن تبعد ابنها عن زوجته بأي طريقة، حتى أنها تتحالف مع فتحي (أحمد وفيق) الشقيق الأكبر لحنان، وهو أمير أحد الجماعات الإرهابية وهارب من حكم غيابي بالإعدام، وتساومه على إنهاء الزواج مقابل فيزا لأمريكا، فيقوم باختطاف حنان بحجة اعتراضه على زواجها بدون علمه، ويطلب من مارجريت الحضور ومعها الفيزا لتتأكد من تخلصه من حنان، ولكن مارجريت تبلغ الشرطة بمكانه، وفي ذات الوقت يتمكن آدم من اختراق كمبيوتر والدته ويعرف مكان حنان ويسارع لإنقاذها، وتنتهي القصة بمقتل فتحي وآدم وحنان برصاصات المتطرفين، وقوات الشرطة التي اقتحمت مقر الجماعة الإرهابية.
أمن دولة 1999

تناول الفيلم شخصية الإرهابي بصورة مختلفة عن المألوف شكلًا ومضمونًا فهو ليس متزمت دينيًا بل يشرب الخمر، ويتقرب إلى النساء، ويشترك في العمليات الإرهابية بسبب رغبته في جمع المال الذي يحصل عليه من دول أجنبية. وتدور الأحداث حول سميحة عبدالمعطي شاهين (نادية الجندي)، السجينة التي حكم عليها بالإعدام، ونفذ الحكم ظاهريًا فقط، حيث أن المخابرات المصرية أرادت استخدامها للقبض على الإرهابي فريد الفيومي (أحمد دياب) بسبب الشبه الكبير بينها وبين زوجته.
يتم تدريب سميحة وتسافر إلى سويسرا برفقة الضابط كمال (محمود حميدة)، وينجحون في خطف سعاد زوجة الإرهابي والعودة بها إلى مصر، وحلت سميحة مكانها وتمكنت من دخلت القصر والقبض على فريد الفيومي وترحيله إلى مصر، فيقوم التنظيم الإرهابي الدولي، بإرسال مجموعة من الإرهابين لقتل الفيومي قبل محاكمته، فتستمر سميحة في مهمتها وتسافر إلى باريس لمقابلة باقي أعضاء التنظيم، وقامت باقتحام كمبيوتر الإرهابي عبدالعزيز (خليل مرسي) قائد الجناح العسكري، وتمكنت من إرسال معلومات هامة للمخابرات المصرية. تتطور الأحداث بهروب سعاد من السجن ومغادرتها مصر، حيث يتم كشف سميحة والقبض عليها من قبل أعضاء التنظيم، فتهاجم المخابرات المصرية مقر التنظيم، لإنقاذها والعودة بها إلى مصر.
دم الغزال 2005
استعرض الفيلم ظاهرة الفقر والتي قد يترتب عليها الوقوع في براثن الإرهاب طمعًا في السلطة والمال، فأحداث الفيلم مستوحاة من قصة حقيقية وقعت أحداثها في منطقة إمبابة لشاب فقير يدعى رضا ريشة (محمود عبد المغني) يعمل طبال مع راقصة شعبية، ويتصارع مع بلطجي المنطقة عاطف الهجام (عمرو واكد) على حب حنان الدهشوري (منى زكي).
يترك رضا الفرقة الراقصة وينضم لأحد الجماعات الإرهابية المتطرفة، التي تفرض سيطرتها على المنطقة، ورغم أنه لا يعرف شيئًا عن الدين ينصبونه أميرًا على المنطقة، ويقرر الانتقام من غريمه عاطف بسبب خلاف قديم بينها، فيقيم عليه حد السرقة بإسم الدين ويقطع يده. وترصد أجهزة الأمن رضا بعد تورطه في عدة جرائم إرهابية، وتستعين بحنان للإيقاع به، وتنتهي الأحداث بمقتل حنان أثناء تبادل إطلاق النار بين الأمن والإرهابي الذي يتمكن من الهروب.
عمارة يعقوبيان 2006

يعد هذا الفيلم من أكثر الأفلام المصرية إثارة للجدل، حيث حاول تسليط الضوء على الواقع المعاصر من خلال قصص متنوعة جمعت بينها الجرأة والإثارة، منها قصة شاب بسيط يدعى طه الشاذلي (محمد إمام) ابن حارس العقار الذي يسعى لدخول كلية الشرطة، ولكن يتم رفضه بسبب مهنة والده، فينضم لجماعات متطرفة، ويتم القبض عليه حيث يتم تعذيبه وهتك عرضه من قبل ضابط في أمن الدولة (عباس أبو الحسن)، وبعد خروجه من السجن يتحول إلى إرهابي ويقرر الانتقام من الضابط بمساعدة أفراد الجماعة، وينجح بالفعل في قتله ولكن يقوم حارس الضابط بقتل طه، لتنتهي القصة بجثة الضابط والإرهابي متجاورتين على الأرض.
مولانا 2017
تناول الفيلم ظاهرة استقطاب الشباب للانتماء لجماعات متطرفة واستغلالهم في العمليات الإرهابية التي تشهدها البلاد من وقت لآخر، وتدور أحداثه حول شخصية حاتم المنشاوي (عمرو سعد)، أحد الدعاة الجدد الذي يسعى لتقديم الدين بصورة لطيفة بعيدًا عن الترهيب والتخويف، ويتعرض لمحاولات للسيطرة عليه من قبل بعض الفئات التي تطمع لاستغلاله لخدمة مصالحها الشخصية.
يتلقى الشيخ حاتم اتصالاً من شخصية كبيرة في الدولة طالبًا مساعدته في رد حسن (أحمد مجدي) شقيق زوجته الذي قرر أن يعتنق الديانة المسيحية ويغير اسمه إلى بطرس، مما يشكل خطر كبير على الأسرة بأكملها. ويتولى حاتم مهمة إعادة حسن للإسلام، ويحاول التقرب منه بدعوته إلى برامجه وجلساته الدينية، حتى يقع حادث انفجار كنيسة، لنكتشف في النهاية أن حسن أوهم الجميع بقصة اعتناقه للمسيحية حتى يتمكن من دخول الكنيسة بسهولة لتفجيرها، وذلك بعدما انضم لأحد المنظمات واعتنق الفكر الجهادي المتطرف.
الخلية 2017

يحكي الفيلم قصة ثلاثة ضباط شرطة يعملون معًا في قطاع العمليات الخاصة، وهم أصدقاء على المستوى الشخصي، أولهم الرائد سيف (أحمد عز)، والثاني الرائد صابر (محمد ممدوح) والأخير الرائد عمرو (أحمد صفوت) الذي يستشهد أثناء مداهمة وكر خلية الإرهابي مروان عدنان (سامر المصري)، بينما يصاب سيف إصابة شديدة. ويقرر سيف الانتقام لصديقه ويصر على العودة للعمل سريعًا، قبل أن يتعافى بالكامل من إصابته.
يبدأ سيف في جمع معلومات عن الإرهابي مروان، حتى توصل إلى مكان اختباء زوجته التي فجرت نفسها خوفًا من القبض عليها، فيقرر مروان الانتقام بعمليات تفجير كبيرة في مناطق حيوية بالقاهرة، ويختطف الطفل علي ابن الشهيد عمرو، وطلب من سيف أن يأتى إليه بزيه الرسمي وجعله يحمل قنبلة في حقيبة يدخل بها مترو الأنفاق دون تفتيش، وتمكنت القوات من محاصرة المحطة وتصارع سيف مع الإرهابي وقام بتقيده، كما فصل عربة القطار الموجود بها القنبلة، وقفز منها فأصيب بجروح بالغة، إلا أنه تمكن من الثأر لصديقه كما تمنى.
جواب اعتقال 2017
يعد هذا الفيلم الوحيد الذي دار بالكامل داخل أروقة تنظيم متطرف، إلا أنه قدم شخصية الإرهابي بشكل سطحي، فهو شخص يقاتل من أجل المال فقط، ويرفض محاولات شقيقه الأصغر لدخول نفس التنظيم. وقدم الفيلم قصة خالد الدجوي (محمد رمضان) الذي نشأ في أسرة فقيرة، وكان والده يعمل خادمًا لأحد مشايخ الجماعات الدينية الكبار، والذي يقرر ضم خالد للتنظيم، حتى أصبح عضوًا هامًا في الجناح العسكري للجماعة المتطرفة.
أما شقيقه أحمد الدجوي (محمد عادل) فهو شاب شديد التدين ويتقرب من الجماعة الإرهابية من أجل المحاربة في سبيل الله، حيث يعتبرها حقيقة واضحة على عكس فكر شقيقه الذي يعتبر أن انضمامه للجماعة مجرد تجارة. وبالفعل ينجح أحمد في الانضمام للجماعة وفي أحد الأيام تحدث مناوشات بينه وبين أحد عناصر الجناح العسكري ويقتل، فيبدأ خالد في الانتقام لشقيقه ويقتل جميع أفراد الجناح العسكري، وفى نفس الوقت كانت قوات الأمن ترصد تحركات الجماعة وتحديدًا خالد، الذي صدر في حقه جواب اعتقال.