
نجمة فاتنة دخلت إلى عالم الفن لتتلألأ وسط النجوم، إنها مريم فخرالدين، التي تعد واحدة من أجمل نجمات الزمن الجميل في السينما المصرية، حتى أنها لُقبت بـ “حسناء الشاشة” بسبب ملامحها الجذابة وابتسامتها الرقيقة وقوامها الممشوق. ولبراعتها في تقديم دور الفتاة الرومانسية الرقيقة لُقبت أيضًا بـ “الملاك البريء”. لكنها لم تترك جمال وجهها الملائكي يصبح وحدة جواز مرورها للشهرة والنجومية، واستطاعت إثبات موهبتها الفنية بجدارة واستحقاق. فدعونا نحتفل بعيد ميلاد مريم فخرالدين، الذي يحل يوم 8 يناير، ونستعرض معًا لقطات من حياتها الشخصية والفنية.
ميلادها ونشأتها

وُلدت مريم محمد فخرالدين يوم 8 يناير من عام 1933 بمدينة الفيوم، لأب مصري وأم مجرية، وهي الشقيقة الكبري للفنان يوسف فخرالدين. تلقت تعليمها في المدرسة الألمانية بمنطقة باب اللوق، وأجادت العديد من اللغات منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والمجرية.
بدايتها الفنية

جاءت البداية الفنية لمريم فخرالدين عن طريق الصدفة، حيث اصطحبتها والدتها يوم عيد ميلادها لالتقاط صورة فوتوغرافية لها، فاقترح عليها المصور الاشتراك بصورتها في المسابقة التي تُقيمها مجلة “إيماج” الفرنسية. وفازت بجائزة أجمل وجه، وحصلت على مبلغ الجائزة والذي كان 250 جنيهًا، ونُشرت صورتها على غلاف المجلة. وعندما رآها المصور السينمائي الكبير عبده نصر، بحث عنها واقترح عليها دخول عالم الفن، وتعاقد معها على بطولة أول أفلامها الذي حمل اسم “ليلة غرام”، المأخوذ عن رواية “لقيطة” للكاتب الرومانسي محمد عبدالله، وإخراج أحمد بدرخان. وكان ذلك عام 1951. لتبدأ مريم فخر الدين مشوارها الفني الطويل.
مشوارها الفني

قدمت مريم فخرالدين بعد ذلك فيلمين للمخرج أحمد بدرخان هما “وعد” عام 1954، و”العروسة الصغيرة” عام 1956. واعتادت في فترة الخمسينات والستينات تقديم دور الفتاة الرقيقة الرومانسية المغلوبة على أمرها. ولكنها نجحت من حين لآخر في الخروج من هذه الشخصية النمطية، لتُبدع في أدوار أُخرى أكثر تعقيدًا. ونذكر من أعمالها: “رد قلبي، الأيدي الناعمة، لا أنام، ملاك وشيطان، القصر الملعون، حكاية حب، شباب اليوم، أنا وقلبي، رحلة غرامية، بقايا عذراء، بئر الحرمان، رسالة إلى الله”.
وفي السبعينات اختلفت أدوار مريم فخرالدين بحكم السن. وأصبحت تقوم بأدوار مختلفة تمامًا عن أدوارها النمطية المعتادة، منها دور الأم في أفلام “بئر الحرمان، 3 فتيات مراهقات، وكان الحب، جنون الشباب سأعود بلا دموع، عاصفة من الدموع، عذراء ولكن، همسات الليل”. ودور الملكة نازلي في فيلم “سلطانة الطرب”. ودور الراهبة في فيلم “بنت غير كل البنات”. ودور الزوجة الخائنة في أفلام “القاضي والجلاد، مع الذكريات”.
وتُعد مريم فخر الدين صاحبة الرقم القياسي في بطولة الأفلام، حيث قامت ببطولة ما يقرب من 400 فيلم، وهو رقم قياسي لم تحققه أي فنانة من قبل. ولم تكتف حسناء السينما بالتمثيل فقط، حيث قامت أيضًا بإنتاج 4 أفلام وهم: “رنة خلخال” عام 1955 و”رحلة غرامية، أنا وقلبي، شباب اليوم” عام 1957.
أما عن المسلسلات التلفزيونية التي شاركت فيها مريم فخرالدين خلال مشوارها الفني فنذكر منها: “المجهول، أبرياء في قفص الاتهام، رأفت الهجان، عصر الفرسان، أمهات في بيت الحب، الحاوي، ضد التيار، أحلام مؤجلة، منشية البكري، أوبرا عايدة”.
جوائز وتكريمات

حصدت مريم فخرالدين الكثير من الجوائز خلال مشوارها الفني. ونالت ما يقرب من 500 شهادة تقدير من جهات فنية مختلفة. إلا أنها كانت غير مؤمنة بتلك الجوائز، وتقول إن رسالة من الجمهور أفضل بكثير من أي جائزة، لأن الرسالة تمثل حب الناس الصادق.
وبعد وفاتها تم تكريمها في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ36، وحرص القائمين على المهرجان على إهداء هذه الدورة لروح الفنانة الراحلة، ووضعوا صورتها على شعار المهرجان.
زواجها

تزوجت مريم فخرالدين 4 مرات، جاءت الزيجة الأولى في عام 1952، أي بعد دخولها المجال الفني بعام واحد، وعندما كانت تبلغ 17 عامًا فقط. وتزوجت من الممثل والمخرج محمود ذو الفقار، الذي كان يبلغ من العمر وقتها 38 عامًا. واستمر زواجهما 8 سنوات انجبت خلالها ابنتها “إيمان”، ثم انفصلا بسبب الغيرة الجنونية لزوجها، فضلاً عن بخله وسيطرته الشديدة عليها واستغلاله لها ماديًا. وبعد 3 شهور فقط تزوجت مريم فخرالدين للمرة الثانية من الدكتور محمد الطويل، بعدما تعرفت عليه بالصدفة أثناء تلقيها العلاج في أحد المستشفيات بالإسكندرية. واتفقا على الزواج بشرط أن تعتزل الفن. فوافقت وانتقلت للحياة معه في السويد حيث كان يتلقى منحة تعليمية هناك. ليبدأ هو الأخر في استغلالها ماديًا، حيث سددت له من مالها الخاص مصاريف السفر، وعاشت معه حياة قاسية بسبب معاملته السيئة لها بسبب قلة المال وعجزه عن تدبير نفقات المعيشة. فانفصلت عنه بعد 4 سنوات من الزواج أثمرت عن ابنهما “أحمد”.
أما الزيجة الثالثة فكانت من المطرب السوري فهد بلان بعدما تقدم لخطبتها في أول مرة تقابلا فيها أثناء تصوير فيلم “أين حبي” عام 1968، وتزوجا بعد 3 أشهر فقط. ودائمًا ما وصفته مريم فخرالدين بأنه أطيب وأحن أزواجها وأكثرهم كرمًا. ولكن لم يستمر زواجهما طويلًا بسبب عدم تقبل أبنائها له، فطلبت منه الانفصال ووافق بهدوء. وجاءت زيجتها الأخيرة من شريف الفضالي، الذي اختاره لها أبنائها، وكان يصغرها بـ 10 سنوات. إلا أنها طلبت الطلاق منه بعدما تزوج أبنائها، ورفضت الزواج مجددًا، واختارت التفرغ للفن والتمثيل.
دخولها الإسلام

ولدت مريم فخرالدين لأب مسلم وأم مسيحية، إلا أن والدتها قامت بتلقينها تعاليم الدين المسيحي، حتى أنها أدخلتها مدارس الراهبات وسجلتها في المدرسة باسم “ماري فخري”، وظلت تدرس المسيحية لسنوات طويلة حتى فوجئ والدها بهذا الأمر. فذهب إلى المدرسة وأخبر المدرسين أن ابنته مسلمة. وقد صرحت مريم فخرالدين أن ما فعلته والدتها كان السبب في نشأتها وهي لا تعرف شيءٍ عن الدين الإسلامي، ولا تعرف كيفية الصلاة بشكل صحيح. كما صرحت في أحد اللقاءات الإعلامية أنها لم تتعلم الصلاة حتى وصلت سن الـ 50، ويعود ذلك لقيامها بتصوير أحد الأعمال الدرامية، والذي كان من المفترض أن تقرأ سورة الفاتحة في أحد مشاهده، فقام القائمون على العمل بكتابتها لها وحفظتها عن ظهر قلب. وفي أحد الأيام استيقظت أثناء آذان الفجر وأرادت أن تُصلي، فاتصلت بالفنانة شادية لتعلمها كيفية الصلاة. وفي صباح اليوم التالي فوجئت بالشيخ محمد متولي الشعراوي يتصل بها ليعلمها الصلاة وكيفية الوضوء.
تصريحاتها الصادمة

اعتادت مريم فخرالدين في السنوات الأخيرة قبل وفاتها، على التحدث بصراحة في اللقاءات الصحفية والتلفزيونية التي شاركت فيها. حيث تسببت في صدمة كبيرة للجمهور بسبب تصريحاتها المثيرة وهجومها الجريء على زملائها الفنانين والفنانات. فرفضت مريم فخرالدين إطلاق لقب “سيدة الشاشة العربية” على الفنانة فاتن حمامة. متسائلة لماذا يُطلق عليها هذا اللقب دون غيرها من الفنانات، رغم عدم تقديمها أدوار مختلفة. وقالت: “طيب أنا مثلًا وشادية نطلع إيه؟ جرابيع؟! إحنا الاتنين جربوعات الشاشة العربية، هند رستم وماجدة الصباحي وسعاد حسني، يعني دي هي الريسة بتاعتنا واحنا العوالم اللي بنغني وراها!”. أما عادل إمام فقد هاجمت لقب “الزعيم” وتسائلت: “هو عمل مسرحية “الواد سيد الشغال” لماذا لم يطلق عليه هذا اللقب؟”.
كذلك هاجمت مريم فخرالدين الفنانة نرمين الفقي بسبب قيامها بدور “إنجي” في مسلسل “رد قلبي” وهي نفس الشخصية التي سبق وجسدتها مريم في فيلم يحمل نفس الاسم، وقالت عنها: “نرمين الفقي تخينة، أنا كنت زي البُرص. مفيش واحدة تاكل حلة محشي وتروح تمثل أدوار رومانسية”. كما عبرت عن استيائها من شخصية الفنانة صباح، وقالت عنها إنها امرأة تعشق الرجال، وتفضل الزواج من شباب أصغر منها. وهاجمت إجراء صباح لعمليات تجميل كثيرة حتى تبدو أصغر سنًا، مؤكدة أن كل مرحلة عمرية ولها جمالها.
علاقتها برشدي أباظة

أثارت علاقة مريم فخرالدين بالفنان رشدي أباظة الكثير من الجدل، فقد قيل أن علاقة حب قوية جمعت بينهما وأن رشدي أباظة ظل لشهور طويلة حائرًا بينها وبين سامية جمال، حتى وقع اختياره على الأخيرة. ومن جانبها، صرحت مريم فخرالدين بأن رشدي أباظة كان معجبًا لها ويريد الزواج منها، حتى أنه اقتحم منزلها في أحد الأيام بأن ضرب الباب برصاص مسدسه حتى يتمكن من الدخول. مشيرة إلى أنه لم يكن في وعيه وقتها، وعندما شاهدته في هذه الحالة، سارعت بالهروب من سلم الخدم وذهبت لوالدتها التي كانت تسكن بالقرب منها.
فذهبت معها والدتها للمنزل فوجدا رشدي أباظة يجلس في الصالون ويأكل الكباب ويشرب الويسكي. وبمجرد رؤيته لوالدتها رحب بها وقبل يديها ودعاها لمشاركته الطعام، وبعدما فرغا منه طلب منها الزواج من مريم، فطلبت مُهلة للتفكير. أما عن سبب رفضها الزواج منه، فقالت مريم فخرالدين: “أمه خواجاية، وأنا أمي خواجاية، وطريقته زيهم، وأنا ما يمشيش عليا الكلام ده».
وفاتها

أُصيبت مريم فخرالدين بوعكة صحية استلزمت دخولها المستشفى وإجرائها عملية إزالة تجمع دموي من المخ. لكن حالتها الصحية تدهورت بعد خصوعها للعملية وتم احتجازها في غرفة العناية المركزة. حتى وافتها المنية يوم 3 نوفمبر من عام 2014، عن عمر جاوز 81 عامًا.